رأي

حوادث السير بإقليم تنغير تعددت الجرائم والموت واحدة

 


كريم أمزال

تقول الحكمة المألوفة عامة الناس بأن الموت واحدة وأن الأسباب متعددة، وصار هذا المثل يقال في كل حالة تعددت مصادر بلوغها أو الوصول إليها وهي متشابكة.

بينما في شق أخر يمكن القول بأن تعددت الجرائم والموت واحدة !!

إذا تعلق الأمر مثلا بحوادث في إقليم تنغير، الذي يعرف طرق وعرة ومهترئة وملتوية ومحفرة…

نحن نعي ونعلم بأن الموت قضاء وقدر وكتاب مسجل، إلا أننا عندما نحاول تحليل وتفسير أمر نطرح عدة تأويلات، ونقصد بتعدد الجرائم تلك الأسباب التي كانت وراء هذه الجرائم الكارثية التي تحصد أرواح العديد من أبناؤنا. 

عدد كبير يتقاسمون معي الطرح، و يقولون بأن السبب الرئيسي في مجازر حوادث السير التي تزهق ألاف الأرواح، يعود إلى تلك الطرق المهترئة والمحفرة كونها قديمة أو أنها حديثة، لكنها عبدت بطرائق مغشوشة وعمياء، التي صارت لاتصلح حتى للحمير والبغال.

كثيرة هي المسالك الطرقية بإقليم تينغير، التي أنجزتها الجماعات الترابية (مجلس جماعي؛مجلس إقليمي؛ مجلس جهوي) بمعية الوزارة المعنية والشركاء… أغلبها لم تصمد أمام الأمطار إلا شهورا قليلة حتى تبدأ في التآكل والإنهيار، حيث جرفتها سيول الأمطار. 

العديد من طرق إقليم تنغير تعرف غياب شبه تام للتشوير الطرقي، أزيلت العديد من علامات التشوير ، لتبقى الأعمدة شاهدة على هذه الجريمة التي أكتفت الجهات المعنية بالتفرج عليها دون أن تحرك أي ساكن لإصلاح الوضع.

ناهيك عن وجود أشجار في بعض الطرق تعيق وتحجب الرؤية، وهو ما يجعل العديد من مستعملي الطريق يتخوفون من إستعمالهم اليومي لطريق خاصة سائقي سيارة الأجرة والنقل المزدوج.

كل هذه الجرائم التي ترتكب في حقنا راجعة بالأساس إلى الفساد الإداري والمالي وعدم التقيد بالجودة والنزاهة، والصرامة في مراقبة وتتبع أشغال الطرق، من أجل تفادي ضياع وتبديد المال العام من طرف أصحاب المصالح الشخصية (رؤساء جماعات، مكاتب الدراسات، مهندسين…). 

إضافة إلى رخص السياقة المغشوشة والتي يتم الحصول عليها بطريقة أو بأخرى ( الوساطة_ الرشوة…) بيد أنها في الأصل هذه الجرائم مشتركة وذات فروع متسلسلة تبدأ من صاحب مدرسة السياقة وتعليم قانون السير، إلى المهندس الذي يعطي الضوء الأخضر لرخصة السياقة…أي أنها جواز سفر نحو الموت المحقق!  

وتحدث كل هذه الجرائم بدرجة الأولى نتيجة غياب الضمائر وروح المسؤوليات فالإنسان في هذا العصر لم تعد تهمه المبادئ ولا النتائج فقط هاجسه الأوحد والوحيد المال وبأية طريقة لذلك تجده خالي الوفاض مجردا من كثير من القيم التي تدعو للعمل بإخلاص ورصانة وعقلانية.

ولهذا على الجهات المتصلة بهذه المصالح أن تتدخل أجلا وعاجلا لأجل وضع أليات جديدة بإمكانها وضع حد لهذا الغش التاريخي والحضاري، والذي صار بمثابة الآلة الحادة التي تحصد عشرات الأرواح أسبوعيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى