أخبار جهويةالرشيدية

درعة تافيلالت: حين يتحدث الرئيس عن الجهة وكأنها الرشيدية فقط… وأرقام الميزانية تؤكد الانحياز

أثارت الحلقة الأولى من برنامج من قلب الجهة على قناة 2M نقاشًا واسعًا حول طريقة تدبير جهة درعة–تافيلالت، بعد أن قدم رئيس الجهة خطابًا وُصف بأنه منحاز ومختزل لباقي أقاليم الجهة. فقد ركز حديثه بشكل شبه كامل على إقليم الرشيدية، مقدّمًا تفاصيل دقيقة وأرقامًا متعددة حول المشاريع والبرامج الموجهة إليه، مقابل إشارة عابرة وسريعة إلى الأقاليم الأربعة الأخرى: ورزازات، زاكورة، تنغير، وميدلت، وهو ما اعتبره متابعون تكريسًا لصورة “الجهة ذات القطب الواحد”.

ويكشف مضمون الحلقة فجوة واضحة بين الخطاب المعلن ومبدأ العدالة المجالية الذي تقوم عليه الجهوية المتقدمة. إذ أكد رئيس الجهة أن مشروع الجاذبية بمدينة الرشيدية يتطلب 120 مليون درهم لتهيئة شارعين فقط، مع إضافة برنامج لتأهيل 22 حيًا سنة 2026. لكن المعطيات المحينة تشير إلى أن المجلس صوّت على اتفاقية إضافية تبلغ قيمتها 220 مليون درهم موجهة للرشيدية وحدها، ليصل مجموع الاستثمارات المسجلة في إقليم واحد إلى حوالي 340 مليون درهم.

في المقابل، لم تتجاوز البرامج الموجهة لإقليم ورزازات 80 مليون درهم، وهو رقم مشابه تقريبًا لما جرى تخصيصه لبقية الأقاليم الثلاثة. هذا التباين الكبير أعاد إلى الواجهة سؤال الحكامة الجهوية، وعمّا إذا كان توزيع الموارد يعكس فعلًا رؤية متوازنة تروم رفع الفوارق بين المجالين الترابي والاجتماعي، أم أنه يعزز تمركز التنمية في محور واحد على حساب باقي التراب الجهوي.

ويرى عدد من المتابعين أن ما عُرض في البرنامج يكرس منطقًا يقوم على تحويل التنمية إلى مجال تنافسي غير عادل بين الأقاليم، بدل أن تكون الجهة إطارًا للتكامل والتضامن. فحين يتركز الجزء الأكبر من الموارد في إقليم واحد، تصبح الأقاليم الأخرى في موقع انتظاري، تعتمد على نصيب محدود من التمويلات، رغم ما تتوفر عليه من مؤهلات سياحية وثقافية واقتصادية.

يبقى الفرق بين خطاب رئيس الجهة أمام الكاميرا والمعطيات المالية التي تكشفها البرمجة الجهوية نقطة أساسية في هذا النقاش. فالخطاب يبرر التركيز، بينما تُظهر الأرقام تنفيذًا فعليًا لسياسة تضع بعض الأقاليم في مركز الاهتمام وأخرى في الهامش. ويطرح هذا الوضع تساؤلات حول مستقبل الجهوية المتقدمة في درعة–تافيلالت، وما إذا كانت قادرة على تحقيق التوازن الذي وُجدت لأجله، أم أنها بصدد إعادة إنتاج اختلالات تعمق الفوارق بدل تقليصها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى