مجتمعورزازات

اضطرابات جوية أم تدبير اقتصادي كسول؟ لا خطوط جوية بديلة ولا نفق تيشكا… ورزازات تُترك لمصيرها

في ظل الاضطرابات الجوية التي تشهدها بلادنا، والتساقطات الثلجية التي عرفتها عدد من مناطق الجنوب الشرقي، وما ترتب عنها من انقطاع للمسالك الطرقية، وعلى رأسها الطريق الوطنية رقم 9 عبر ممر تيشكا، عاد النقاش مجدداً حول طريقة تدبير الربط الجوي بمدينة ورزازات، التي تجد نفسها، في مثل هذه الظروف، شبه معزولة عن باقي جهات المملكة.

فقد تم إلغاء الرحلة الجوية المبرمجة بين الدار البيضاء وورزازات يوم الأربعاء على الساعة 23:20، ليس بسبب قوة قاهرة أو طارئ مفاجئ، بل نتيجة معطى تقني معروف مسبقاً لدى شركة الخطوط الملكية المغربية. يتعلق الأمر باعتماد طائرة صغيرة ذات محركات بمراوح، تكون عرضة لتشكل الجليد عند مكوثها ليلاً في مطار لا يتوفر على تجهيزات إزالة الجليد، وهو وضع قائم منذ سنوات وليس وليد اللحظة.

غير أن الإشكال الحقيقي لا يكمن في هذا التشخيص التقني، بل في طبيعة الحل الذي تم اعتماده. فبدل اللجوء إلى حل مهني معمول به في مثل هذه الحالات، والمتمثل في برمجة طائرة أكبر ذات محركات نفاثة قادرة على تحمل هذه الظروف المناخية، تم اختيار حل آخر يثير الكثير من علامات الاستفهام: تغيير توقيت الرحلة إلى السادسة صباحاً، مع هبوط سريع والعودة في حدود الثامنة صباحاً، دون مكوث الطائرة بالمطار.

هذا القرار، الذي يبدو موجهاً بمنطق تقليص الكلفة أكثر من مراعاة المصلحة العامة، لا يأخذ بعين الاعتبار خصوصية ورزازات كمدينة تعاني هشاشة في الربط الطرقي، ولا وضعية المسافرين، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على تحمل تبعات اختيارات لم يكونوا طرفاً فيها.

الأكثر إثارة للقلق، أن هذا التدبير يتم دون أي إجراءات مرافقة، من قبيل تعويض المسافرين، أو اقتراح بدائل حقيقية، أو حتى إصدار اعتذار رسمي يوضح الملابسات. ويتحمل المواطن البسيط، وكبار السن، والأطفال، وكذا السائح، كلفة هذا الارتباك، رغم التزامه المسبق ببرامج سفر وإقامة مؤدى عنها.

ويزداد هذا الوضع تناقضاً حين يصدر عن شركة وطنية ما فتئت تؤكد، في خطابها الرسمي، على دورها كرافعة للتنمية السياحية، وكمؤسسة ذات مسؤولية وطنية، تُمثل “أجنحة المملكة” في الخارج، وتستفيد في المقابل من دعم عمومي مهم باسم الخدمة العمومية والعدالة المجالية.

غير أن الممارسة على الأرض تكشف فجوة واضحة بين الخطاب والواقع. فبدل الإسهام في تعزيز جاذبية الوجهات السياحية الهشة، تُسجل اختيارات تدبيرية محدودة الأثر، تُربك المسافرين، وتُضعف ثقة الفاعلين السياحيين، وتسيء لصورة وجهة يفترض أن تكون نموذجاً للسياحة الثقافية والسينمائية والبيئية.

اليوم، تُسجل دينامية متسارعة في مطارات بمدن لم تكن إلى وقت قريب تتوفر على أي ربط جوي منتظم، في حين لا يزال مطار ورزازات يعاني من نفس الإشكالات البنيوية والتدبيرية، دون حلول جذرية تواكب مكانة المدينة ورمزيتها.

ورزازات ليست حالة معزولة، بل مرآة لسؤال أعمق:
هل ما نعيشه هو مجرد اضطرابات جوية عابرة، أم نتيجة اختيارات تدبيرية قائمة على منطق الاقتصاد في الكلفة، على حساب جهة كاملة ومستقبلها السياحي؟
سؤال مشروع، والجواب مسؤولية الجهات المعنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى