كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تفعيل الجهوية المتقدمة، عدم بلورة استراتيجيات جهوية في مجالات حيوية تدخل ضمن اختصاصات مجالس الجهات.
وأورد التقرير حديث الإصدار أن الأمر يتعلق باستراتيجيات اقتصاد الماء والطاقة والنقل.
وفي معرضه تطرق تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى غياب استراتيجيات جهوية لاقتصاد الماء والطاقة، وأبرز في هذا الصدد، أن القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، أناط بمجالس الجهات “وضع استراتيجية جهوية لاقتصاد الماء وكذا استراتيجية جهوية لاقتصاد الطاقة”.
وحسب التقرير، هذان الاختصاصان يهدفان إلى “تمكين الجهات من بلورة رؤية استراتيجية مندمجة في هذين القطاعين، تأخذ بعين الاعتبار الاستراتيجيتين الوطنيتين في هذين المجالين وكذا خصوصيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالجهة”.
كما يناط بالجهات اختصاص مشترك يتعلق بالمحافظة على الموارد المائية، واختصاص ذاتي يهم إنعاش المبادرات المتعلقة بالطاقات المتجددة.
وعليه، فإن بلورة الاستراتيجيتين المذكورتين من شأنهما المساهمة في تحقيق التكامل في تدخلات الجهة في قطاعي الماء والطاقة، خاصة في ظل التحولات الراهنة التي تعيشها البلاد، جراء تفاقم ندرة المياه والعجز في الموارد المائية وارتفاع الكلفة الطاقية”.
لافتا أن تدبير الموارد المائية والطاقية على مستوى الجهات خلال الفترة 2015-2021، يشير التقرير إلى أنه “اتسم بغياب استراتيجية رسمية لاقتصاد الماء وأخرى لاقتصاد الطاقة، تترجم فيهما الأهداف المتوخاة خلال مدة زمنية محددة مع تحديد المؤشرات المرتبطة بها والموارد اللازم تعبئتها وكذا المناطق ذات الأولوية، لضمان تخطيط ناجع لاستغلال الموارد المائية والطاقية بتراب الجهة”.
وأوضح تقرير المجلس بأن وزارة الداخلية سبق ان أشارت “أن إعداد هاتين الاستراتيجيتين لازال يستدعي استيفاء مجموعة من المتطلبات التي تتحدد أساسا في تفعيل ممارسة الاختصاصات الذاتية للجهة”.
وفيما يخص مجال الماء، فقد سجل التقرير أن “الجهات برمجت خلال نفس الفترة مجموعة من المشاريع الخاصة بالمحافظة على الموارد المائية من خلال برامجها التنموية، بالإضافة إلى المشاريع المبرمجة في إطار البرنامج الوطني للماء الصالح للشرب والري (2020-2027)، غير أن مجموع المشاريع المبرمجة، لم تدرج ضمن استراتيجية جهوية مندمجة ورسمية لاقتصاد الماء، تحدد فيها التوجهات الكبرى للجهة في هذا المجال، مما نتج عنه محدودية في استدامة التدابير المتعلقة بحماية الموارد المائية على مستوى الجهات”.
مشاريع عالقة
ووفقا للمصدرفقد “لوحظ تعثر تنزيل مجموعة من المشاريع المتعلقة بتعبئة المصادر البديلة كتحلية مياه البحر ومعالجة المياه المستعملة خلال الفترة 2015-2021.
كما أشار إلى نماذج، لمشاريع اقتصاد الماء لم تخرج لحيز الوجود وتم تعثرها، منها مشروع محطة تحلية مياه البحر 2015-2021 الذي سبق وبرمج على مستوى جهة الدار البيضاء سطات، بغلاف قدره 1.000 مليون درهم، وكان من المتوقع أن تحدث المحطة بطاقة إنتاجية تصل 100 ألف متر مكعب في أفق 2020.
وأضاف أن “عدم استيفاء التوقيعات على الاتفاقيات المتعلقة بمشروع تحلية مياه البحر بكل من جهات الشرق وجهة كلميم واد نون، حيث لم تستوفي اتفاقية لمشروع تحلية مياه البحر بإقليم كلميم للتوقيعات المطلوبة، بعدما رصد للمسروع غلاف 742 مليون درهم، نفس المشكل حدث لمشروع إعادة استعمال المياه العادمة في السقي وهو المشروع الذي رصد له 45 مليون درهم.
كما رصد تعثر مشاريع متعلقة بإعادة استعمال المياه العادمة بخصوص برنامج تعبئة وتنمية الموارد المائية بجهة الرباط سلا القنيطرة، بسبب حصر تدخل الجهة في في المساهمة في 3 مشاريع متعلقة باستعمال المياه العادمة.
غياب التفعيل الجهوي للإختصاصات
وفي إشارة إلى مجال الطاقة قال“إلى أن عدم بلورة الاستراتيجية الوطنية لاقتصاد الطاقة، نتج عنه تباين على مستوى برمجة وتنفيذ المشاريع المرتبطة بهذا المجال، حيث تبين عدم تفعيل سبع جهات من أصل 12 لاختصاص “إنعاش المبادرات المرتبطة بالطاقات المتجددة”، وهي جهات طنجة-تطوان-الحسيمة، وبني ملال-خنيفرة والدار البيضاء سطات، والرباط – سلا – القنيطرة، ودرعة – تافيلالت، وسوس – ماسة والعيون – الساقية الحمراء.
وتابع المصدر عينه انه في المقابل، اقتصرت إنجازات الجهات الخمس المتبقية، في المساهمة في تمويل بعض المشاريع أو إنجاز بعض الأنشطة المحدودة خلال الفترة 2015-2021، في غياب خطة عمل متعددة السنوات لتنزيل الأهداف الاستراتيجية لاقتصاد الطاقة على مستوى الجهة.
كما أن جهة سوس-ماسة وفق التقرير، “بصدد إعداد استراتيجية جهوية لاقتصاد الماء واقتصاد الطاقة، وذلك في إطار برنامج دعم إنجاز الدراسات التقنية المقدم من طرف جزر الكناري برسم سنة 2022، والمندرج ضمن برتوكول اتفاقية مبرمة سنة 2008، وإلى حدود شهر دجنبر 2022، تم إنجاز المرحلة الأولى من الدراسة المتعلقة بالاستراتيجية الجهوية لاقتصاد الماء، إلا أنه لم يتم بعد المصادقة عليها من طرف المجلس”.
النقل غير الحضري
عرض تقرير المجلس الأعلى للحسابات، “غياب تأطير دقيق للاختصاص المتعلق بخدمات النقل الطرقي غير الحضري للأشخاص، واعتبر تنظيم خدمات النقل الطرقي غير الحضري للأشخاص بين الجماعات الترابية داخل نفس الجهة، من الاختصاصات الذاتية للجهات في ميدان النقل”.
وحسب الدراسة المتعلقة بتفعيل اختصاصات الجهات المنجزة بشراكة بين وزارة الداخلية وجمعية جهات المغرب بهدف توضيح وتدقيق مضمون كل الاختصاصات الذاتية والمشتركة للجهات، يتعلق هذا الاختصاص ب “كل خدمة منتظمة لنقل الأشخاص لا تقتصر على مدار حضري معين، وتربط بين جماعتين على الأقل، داخل نفس الجهة”.
ويتبين وفق التقرير، “أن الجهات لم تفعل هذا الاختصاص خلال الفترة 2015-2022. ويرجع هذا الوضع، حسب بعض الجهات، إلى غياب تعريف قانوني دقيق ومتفق بشأنه بين جميع الأطراف المعنية، لخدمات النقل غير الحضري للأشخاص في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات”.
وفي هذا الإطار، أوضحت وزارة الداخلية أنه حتى يتسنى للجنة الموضوعاتية المكلفة بالنقل وضع تدقيق لهذا الاختصاص، “تعمل هذه الأخيرة على التوافق بشأن إعداد دورية مشتركة بين وزارة الداخلية ووزارة النقل واللوجستيك ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تخول من خلالها للجهات إحداث وتدبير هذا المرفق”.
وقد تم اقتراح إجراء دراسة قانونية حول إمكانية إعطاء تدبير هذا الاختصاص للجهات. في نفس السياق، أشارت وزارة الداخلية إلى تقديم وزارة النقل واللوجستيك في إطار التشاور داخل هذه اللجنة مقترحات من قبيل “إحداث ثلاث هيئات للحكامة على مستوى الجهة؛ اعتماد هيكلة تحدد من خلالها مصالح للقرب ومصالح جهوية تابعة للجهة إلى جانب المصالح اللاممركزة للوزارة، بالإضافة إلى ضرورة تعبئة إمكانيات بشرية خاصة ومشتركة مع وضع نظام معلوماتي ملائم”.
في المقابل، ذكر تقرير مجلس الحسابات، أن مجالس الجهات قدمت خدمات النقل المدرسي رغم أنها لا تدخل ضمن اختصاصاتها، إذ حددت القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية اختصاص كل جماعة ترابية في ميدان خدمات النقل الطرقي.
واعتبر القرير أن “الجماعات تختص بتدبير المرافق والتجهيزات العمومية للنقل العمومي الحضري، كما تضطلع العمالات والأقاليم بالاختصاص الذاتي المتعلق بالنقل المدرسي في المجال القروي”. في حين يمكن الاختصاص المخول للجهات والمتعلق بخدمات النقل الطرقي غير الحضري للأشخاص، “من تكامل تدخلات الجماعات الترابية لتوفير جميع خدمات النقل داخل المجال الترابي للجهة”.