بعد عامين من الركود بسبب الجائحة بدأ القطاع السياحي يسترجع عافيته في الكثير من الوجهات السياحية المغربية حيت عرفت حركة الملاحة الجوية والبحرية و عدد الوافدين وليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي انتعاشة مهمة ابتداءا من شهر ماي على وجه الخصوص.
لكن بالمقابل لازالت وجهة ورزازات تعيش أزمة هيكلية، حيت تسارعت المشاكل بشكل جلي مند سنة 2018 كما تفاقمت الأزمة سنتي 2020 و 2021 بسبب الجائحة ولم تتمكن ورزازات من الخروج من منطقة الخطر بعد رفع كل الإجراءات الاحترازية واستئناف النشاط السياحي بكل ربوع المملكة.
ويرجع سبب هدا الركود المستمر في القطاع السياحي إلى مجموعة من العوائق من اهمها، ضعف النقل الجوي و قلة الاستثمارات مع تسارع إغلاق الفنادق بالإضافة إلى غياب أو ضعف ميزانيات الترويج.
مشكل النقل الجوي: تراجع مقلق لحركية مطار ورزازات
عرفت مطارات المملكة انتعاشة ملحوظة في شهر يونيو 2022 حيت تجاوز عدد المسافرين أكثر من مليون و 874 ألف مسافر وهو ما يمثل حوالي 89% من الرقم المسجل في شهر يونيو 2019 ( قبل الجائحة). كما أن الرقم التراكمي لستة أشهر الأولى بلغ أكثر من 7 مليون و 439 ألف مسافر ( 64% مقارنة مع نفس الفترة من 2019).
وادا كانت جل مطارات المملكة قد سجلت نسب استرجاع هامة كتطوان 444%، وجدة 104%، فاس 72% ،أكادير 63% ، طنجة والصويرة 61%، الدار البيضاء 59%، مراكش 56%، إلا أن مطار ورزازات لم يسجل سوى نسبة استرجاع في حدود 45% وهو الشي الدي سيفقده ترتيبه مقارنة مع المطارات المنافسة حيت تراجع ب 3 مراتب كما أنه سيفقد مراتب إضافية في الأشهر القليلة المقبلة.
هدا ورغم المجهودات المبدولة ابتداءا من سنة 2012 لتقوية الربط الجوي وهو ما مكن من توقيع اتفاقيات لربط ورزازات مع مجموعة من المطارات الأوروبية فضلا عن الربط مع مطار مراكش سنة 2017، ثم الربط مع مطارات مدريد ثم مرسيليا وبوردو و باريس بواسطة شركات النقل الجوي ذات التكلفة المنخفضة وهو المعطى الدي كان من المفروض أن يجعل ورزازات تنطلق من جديد لتحقق أرقام في مستوى تطلع المهنيين والمسؤولين على حد سواء، إلا أن مسلسل التراجع سيبدأ ابتداءا من 2018 حيت قام مجلس الجهة بتوقيع اتفاقية مع الخطوط الجوية الملكية لتقوية الخطوط الداخلية وهي الاتفاقية التي كرست التراجع المهول في النقل الجوي بالنسبة لورزازات ، بالإضافة إلى ملحق الاتفاقية التي تم توقيعه سنة 2019.
ومن القرارات التي ستزيد من تأزيم الوضعية بورزازات عامة والقطاع السياحي على وجه الخصوص، إعتماد برنامج التنمية الجهوي الدي سيزيد من أزمة اقليم ورزازات سياحيا، حيت ستتم برمجة رحلتين في الأسبوع انطلاقا من كل من مراكش و اكادير و فاس و طنجة في إتجاه الراشيدية بالإضافة إلى رحلة يومية من مطار الدار البيضاء بواسطة طائرة من الحجم الكبير ( عدد المقاعد يتجاوز 120 مقعد) في حين لن تنال ورزازات سوى 4 أو 5 رحلات أسبوعية من وإلى الدار البيضاء ( طائرة ATR دات 72 مقعد) بالإضافة إلى “رحلتين اسبوعيتين” فقط من وإلى مراكش.
هدا ومن المنتظر أن يجتمع مسؤولو جهة درعة تافيلالت مع مسؤولي الخطوط الجوية الملكية في بحر الأسبوع الجاري ( 11 غشت 2022) لإعداد اتفاقية في هدا الشأن وهو ما يعتبر آخر مسمار يدقه مسؤولو جهة درعة تافيلات في نعش السياحة بورزازات دون أي تدخل أو مبادرة من منتخبي اقليم ورزازات بالجهة أو من طرف الإدارة الترابية لوقف هدا النزيف.
وقد كان لتراجع النقل الجوي بالإضافة إلى عوامل أخرى الوقع السلبي على نشاط القطاع حيت لم تسترجع ورزازات سوى 23% من نشاطها، وهو ما يمثل تراجع بنسبة 77% برسم ال6 أشهر الأولى من 2022 مقارنة مع نفس الفترة من 2019 ، في حين استرجعت جل الوجهات السياحية الأخرى نشاطا تجاوز ال50% في نفس الفترة ( 62% بالنسبة لأكادير، 66% بالنسبة لطنجة، 63% بالنسبة لتطوان، 52% بالنسبة للصويرة، 51% بالنسبة لمراكش، الخ…….
مشكل ضعف الاستثمارات وغلق الفنادق
لقد تم التنبيه غير ما مرة لمشكل جاذبية الاستثمار حيت لم تعد ورزازات تغري المستثمرين، ربما بسبب تعقيد المساطر وعدم اهتمام المسؤولين ، بل على العكس من دلك ، بدا مسلسل الاغلاقات مع إغلاق فندق بيلير وهو أكبر فندق من حيث الطاقة الاستيعابية بالجنوب الشرقي ( 276 غرفة)، كما أن البرامج الاستثمارية ضلت حبر على ورق من اهمها المحطة السياحية LAKE MANSOUR CITY التي تم تفويت بقعة لانجازها مساحتها 374 هكتار سنة 2007، إلا أنها لم تر النور بعد 15 سنة من الإعلان عنها. كما أن برنامج التنمية الجهوي الذي اعتمده مجلس الجهة الحالي ، لايستجيب للمطالب الملحة بتقوية العرض السياحي عبر جلب إستثمارات في بنيات الاستقبال السياحي لورزازات ولأقاليم الجهة على السواء، حيث ركز على برامج وأنشطة لا تعالج المشكل الحقيقي التي تعانيه ورزازات كما أنه لن يكون له اي وقع إيجابي على القطاع سواءا بورزازات أو الأقاليم الأخرى، فضلا على أن الشركة المغربية للهندسة السياحية التي يعول عليها مجلس جهة درعة تافيلالت في تنمية القطاع السياحي ( في إطار اتفاقية شراكة لتنمية القطاع السياحي بالجهة ) سبق أن أبانت عن عجزها في تقوية القطاع السياحي على المستوى الوطني وهو ما تناوله المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الصادر في 2017 عن عمل هاته الشركة التي لم تحقق سوى 7,8% من الاستثمارات المبرمجة برسم رؤية 2010 و أقل من 3 % من البرامج المسطرة في رؤية .2020
ومن جهة أخرى فقد توالت الاغلاقات بورزازات ليصل العدد الإجمالي إلى أكثر من 18 مؤسسة مغلقة علما ان هناك مؤسسات أخرى مهددة بالإغلاق نذكر من أهمه:ا
أ فندق فرح الجنوب: لقد عرف هدا الفندق أول إغلاق له سنة 2009، وحيث أن مشكل الفنادق المغلقة كان يؤرق المسؤولين الدين كانوا يبحثون بشكل مستمر على حلول لإعادة فتحها ، فقد قام احد المهنيين بكراء هدا الفندق ( 74 غرفة و أكثر من 50 عامل)، وكانت نيته ان يقدم عرضا للشراء ان كانت هناك انتعاشة مستمرة، لكنه سيصطدم بواقع التراجع وكدا بتأثير الجاءحة وهو ما يجعله في وضعية مالية مقلقة، كما أن البنك العقاري والسياحي بصفته أكبر دائن لهدا الفندق قام باقتناءه وهو يقوم حاليا بالإجراءات الضرورية لاسترجاعه وهو الشي الذي سيتم في نهاية شتنبر 2022 حيت سيقوم بإغلاقه كما فعل سابقا بفندق النخيل وكما فعل كذلك صندوق الإيداع والتدبير بالفنادق التي يمتلكها، حيت قام بإغلاق فندقين في شهر يوليوز 2022 في انتظار إغلاق الفندق الثالت بعد شهرين من الآن على أبعد تقدير
ب : فندق حنان : هو من الفنادق التي كانت تعيش أزمة مالية وأصبح تحت تسيير وكيل التسوية القضائية ( Syndic) ، قبل أن تقرر المحكمة كرائه لأحد المهنيين، لكن التراجع التي تعرفه الوجهة تندر بأزمة قادمة لا محالة وهو ما يستوجب تدخل عاجل لإنقاذ هدا الفندق أو المؤسسات الأخرى من خطر الإغلاق.
غياب أو ضعف ميزانيات الترويج
بالإضافة إلى ضعف النقل الجوي و ضعف استقطاب الاستثمارات والاغلاقات المتسارعة للفنادق، يعاني القطاع من ضعف أو غياب ميزانيات التسويق و الترويج وهو ما اضعف عمليات الترويج في الوقت الحالي وهو ما سينعكس سلبا على نشاط القطاع السياحي في السنوات القادمة.
أ على مستوى الجهة : لم يحصل المجلس الإقليمي للسياحة طوال ستة سنوات من الانتداب السابق ( 2015/ 2021) على اي درهم للترويج من طرف مسؤولي جهة درعة تافيلالت، كم ان المجلس الحالي لم يقم ببرمجة الدعم إلا في دورة يوليوز 2022، حيت لن يتوصل المجلس بمبلغ الدعم إلا في نهاية شتنبر 2022، وهو ما يجعل أنشطة المجلس متأخرة مقارنة مع المجالس السياحية الأخرى على المستوى الوطني.
ب : على مستوى المجلس الإقليمي : بعد سنة 2019 ، لم يتوصل المجلس الإقليمي للسياحة لورزازات إلا بدعم قدره 125 ألف درهم سنة 2021 تم صرفها لإتمام اداء مستحقات مموني منتدى السياحة التضامنية التي تم تنظيمه بداية يناير 2020، كما أن الاتفاقية الموقعة خلال دورة مارس 2021 بين المجلس الإقليمي والمجلس الإقليمي للسياحة بورزازات والتي بموجبها كان من المفترض أن يحصل هدا الأخير على منحة للترويج في حدود 300 ألف درهم سنويا على مدى 3 سنوات لم تجد طريقها إلى التطبيق وهو الشي الذي يضعف حضوض وجهة ورزازات في الترويج و منافسة الوجهات السياحية الأخرى
ج : المجلس البلدي لورزازات : لقد سبق للمجلس الإقليمي للسياحة بورزازات ان وقع اتفاقية شراكة مع المجلس الجماعي لورزازات من أجل الترويج لوجهة ورزازات بمبلغ 400 ألف درهم سنويا تغطي سنوات 2019، 2020، 2021. لكن المجلس الإقليمي للسياحة لازال إلى حدود الآن لم يتوصل بمنحة 2021 كاملة رغم انه تم الالتزام بها كنفقة في نهاية دجنبر 2021، فالمجلس الجماعي لم يقم الى حدود الان بصرف إلا 200 الف درهم عن سنة 2021، كما قام بتقليص حجم الدعم من 400 ألف درهم إلى 200 ألف درهم برسم سنة 2022 علما انه لم يقم بصرف باقي منحة 2021 وكدا منحة 2022 رغم قلتها، وهو ما يعطل كل عمليات الترويج والتسويق التي من المفترض أن تبتدا مع بداية كل سنة وتستمر إلى غاية نهاية دجنبر .2022
ومن المعلوم أن منحة الترويج ، تمكن المهنيين من إنجاز أدوات للترويج كالبوابات والتطبيقات الاليكترونية و الافلام الموضوعاتية عن المؤهلات السياحية والدلائل والكتيبات بالإضافة إلى استقبال وفود المنعشين السياحيين ووكالات الأسفار والصحافة الدولية والوطنية والتواجد المكثف في المعارض والمنتديات السياحية الوطنية والدولية فضلا عن الحملات الترويجية والاشهارية بالقنوات الاداعية و التلفزية و الصحافة الاليكترونية والمتخصصة فضلا عن التواجد المستمر في مختلف وسائط التواصل الاجتماعي التي أصبحت تتصدر عمليات الإشهار على المستوى الوطني و الدولي.
هدا وتجدر الإشارة إلى أن ورزازات التي كانت تستقطب حوالي 40 % من الانتاجات السينمائية الأجنبية المصورة بالمغرب أصبحت تواجه منافسة كبيرة من طرف الكثير من الوجهات حيت أعلن وزير الثقافة مؤخرا ، عن مشروع بناء استوديو بمراكش وهو ما سيشكل رصاصة الرحمة بالنسبة لورزازات.