أفادت مُعطيات نُشرت ضمن التقارير المرفقة بمشروع قانون مالية سنة 2021 بأن درعة-تافيلالت ومراكش-آسفي هُما الجهتان الأكثر تضرراً من حيث تراجع النشاط الاقتصادي بسبب الأزمة الصحية الناتجة عن فيروس كورونا المستجد.
ويتجلى من المعطيات المتضمنة في “التقرير الاقتصادي والمالي” أن النشاط الاقتصادي في جهة درعة-تافيلالت انخفض بين شهري مارس وماي، أي خلال فترة الحجر الصحي، بحوالي 72.4 في المائة، وبحوالي 68.6 في المائة في جهة مراكش-آسفي التي يعتمد اقتصادها على قطاع السياحة.
كما تعرضت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة لانخفاض في النشاط الاقتصادي بـ62.7 في المائة، وسوس-ماسة بـ61.7 في المائة، فيما شهد القطب الاقتصادي للمملكة انخفاضاً بلغ 55.7 في المائة خلال الفترة نفسها.
وفي جهة الرباط-سلا-القنيطرة، شهد النشاط الاقتصادي انخفاضاً في حدود 60.3 في المائة، وفي فاس-مكناس بناقص 59.3 في المائة، وأقل انخفاض سُجل في بني ملال -خنيفرة بـ51.7 في المائة.
ولم تستثن الآثار الاقتصادية الوخيمة لوباء “كوفيد-19” أي مجال ترابي؛ لكن هذه الآثار تختلف باختلاف موقع الجهة في سلاسل القيمة العالمية ومدى تخصصها في قطاعات معينة، لا سيما القطاعات الأكثر تعرضًا للأزمة.
وجاء ضمن مضامين التقرير أن تفاوت آثار الوباء على جهات المغرب يتعين قياس مداها وعمقها ودرجة اختلافها من جهة إلى أخرى، وتحديد الرهانات البنيوية التي قد تواجهها الجهات مستقبلاً سواء على المدى القصير أو المتوسط والطويل.
وتطرح الهشاشة الواضحة للاقتصاد الجهوي أمام صدمات الجائحة الصحية الحاجة إلى تسريع مُسلسل إعمال الجهوية المتقدمة من خلال جعل المرونة الشاملة للجهات النموذج الذي ينبغي أن يقوم عليه الجيل الجديد من السياسات العمومية المخصصة للمجالات الترابية.
ويورد التقرير أولويات يعتبرها لا محيد عنها يجب التركيز عليها لوضع أسس جديدة لتنمية المجالات الترابية؛ أبرزها تقليص الفوارق فيما يتعلق بالبنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي تُغذي التفاوتات الكبيرة في الفرص لدى فئات السكان الهشة على المستوى المجالي وتعرقل آفاق الارتقاء الاجتماعي لديهم.
كما تطرح الجائحة أيضاً ضرورة تعبئة إمكانات الجهات من خلال تثمين أمثل لثرواتها المادية وغير المادية وتشجيع خلق تخصصات اقتصادية واعدة في إطار مقاربة تشاركية بين الجهات، وتحفيز الحكامة المجالية لتحسين الخدمة العمومية وتوسيع فوائده الاقتصادية والاجتماعية من أجل إعادة بناء ثقة السكان في تمثيليات المؤسسات على مستوى المجالات الترابية.
وأوصى التقرير بإعادة ابتكار أساليب العمل على المستوى المجالي بالاعتماد على أدوات التخطيط الاستراتيجي ومقاربات الذكاء المجالي لجعل خيارات التنمية أكثر قابلية للفهم وتعزيز قدرات العمل الاستباقي لدى الفاعلين المجاليين، ووضع أسس التعاون على الصعيد المجالي قادرة على إعادة تجميع كل الفاعلين حول أهداف مشتركة وتخفيف المعيقات.