
في إطار تنفيذ التعليمات الملكية السامية الهادفة إلى تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، شهد إقليم ورزازات زيارة رسمية لوزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، خُصصت لتوقيع اتفاقيتين تنمويتين همّتا تأهيل المراكز القروية والنسيج الحضري لمدينة ورزازات، وذلك بشراكة مع مجلس جهة درعة – تافيلالت، المجلس الإقليمي، وعدد من الجماعات الترابية.
وقد بلغ الغلاف المالي الإجمالي لهاتين الاتفاقيتين 358 مليون درهم، منها 128 مليون درهم كمساهمة مباشرة من الوزارة، ما يعكس الإرادة المركزية لدعم التنمية المحلية وتسريع تأهيل المناطق شبه الحضرية والقروية بالإقليم.
وأكدت الوزيرة، في تصريح رسمي، أن الهدف من هذا البرنامج هو “تحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين بجهة درعة – تافيلالت، وتسريع وثيرة التأهيل الحضري والقروي”، وهو ما استبشر به المتتبعون خيراً، نظراً لطول انتظار عدد من المناطق لهذه النوعية من المشاريع.
غير أن المفارقة التي خلقت حالة من الاستياء في الأوساط المحلية هي عدم خروج هذه المشاريع إلى حيز التنفيذ رغم مرور شهور على توقيعها. ووفق معطيات متطابقة، فإن مجلس جهة درعة – تافيلالت لم يفعّل مساهمته المقررة في الاتفاقيتين، مما أدى إلى تجميد البرنامج التنموي المنتظر.
ويثير هذا التأخير تساؤلات جوهرية حول مدى التزام المجلس الجهوي بدوره في تأطير وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية، خاصة في ظل التحديات التنموية التي تواجهها جهة درعة – تافيلالت، وتزايد الفوارق المجالية بين أقاليمها.
العديد من المتابعين عبّروا عن تخوفهم من أن تكون الحسابات السياسية أو سوء التنسيق بين الشركاء المؤسساتيين سبباً في تعطيل مشاريع تمثل بارقة أمل لآلاف المواطنين، خاصة في الجماعات القروية التي تفتقر إلى التجهيزات الأساسية.
وفي ظل هذا الوضع، يطالب فاعلون محليون بضرورة تفعيل آليات التتبع والمساءلة، لضمان تنفيذ الاتفاقيات في آجال معقولة، وتحقيق الأثر التنموي المرجو منها. كما يدعون إلى تجنيب الشأن التنموي المحلي أي توظيف سياسي أو تقني يعمق من فجوة الثقة بين الساكنة والمؤسسات المنتخبة.
وتبقى الكرة في ملعب مجلس الجهة، الذي بات مطالباً أكثر من أي وقت مضى بالقيام بدوره كاملاً، بعيداً عن الحسابات الضيقة، خاصة أن المشاريع المعلقة تمثل التزاماً أمام الحكومة والمواطنين، وليس مجرد توقيع بروتوكولي مناسباتي.
فهل تتدارك الجهة هذا التأخير وتعيد إطلاق عجلة التنمية بالإقليم؟ أم أن تعثر المشاريع سيبقى عنواناً لصراع غير معلن بين مكونات المشهد الجهوي؟
الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.