مجتمعورزازات

بلاغ جماعة ورزازات: تواصل مؤسسي أم تضييق على حرية التعبير؟

الكاتب : سعيد أقداد

تلقيت عددًا من الاتصالات والرسائل حول رأيي في البلاغ الذي أصدرته مؤخرًا جماعة ورزازات، والذي جاء كرد فعل على منشور فيسبوكي تناول أداء المكتب الجماعي لحفظ الصحة. البلاغ، الذي تضمن نبرة هجومية ضد الصفحة الناشرة متهمًا إياها “بالبوز” و”الاسترزاق السياسي” و “التطرف”، أثار جدلًا واسعًا حول طبيعة التواصل المؤسسي للجماعة ومدى احترامها لحرية التعبير والنقد البناء.

بلاغ أم محاولة لإخماد الأصوات الناقدة؟

يبدو أن كاتب البلاغ لم يكتف بتوضيح حيثيات موضوع اللقاح والتأخير الذي طرأ عليه، بل ذهب إلى نبرة تتسم بالتخوين والتشكيك في نوايا المنتقدين، وهو ما يعكس ضيق صدر الإدارة المنتخبة تجاه أي نقد قد يطال تدبيرها. في السياقات الديمقراطية، يُفترض بالمؤسسات المنتخبة أن تتبنى خطابًا شفافًا يركز على تصحيح المغالطات وتقديم المعطيات الدقيقة، دون اللجوء إلى نبرة التأزيم او المواجهة.

لغة تصعيدية بدلًا من الاعتراف بالمسؤولية

البلاغ لم يكتفِ بتوضيح سياق التأخير في توفير اللقاحات، بل تبنى أسلوبًا دفاعيًا وهجوميًا في آن واحد، متهمًا الصفحة الناقدة بأنها تهدف إلى خلق “البوز” والاسترزاق السياسي. هذا النوع من الخطاب يفتقر إلى الحياد المؤسسي، ويضع الجماعة في موقف المتضرر من النقد بدلًا من أن تكون جهة مسؤولة تقدم حلولًا ومعطيات واضحة للرأي العام.

تكميم للأفواه أم سوء إدارة للأزمة؟

أنا هنا لست لتقديم الدروس أو ممارسة الأستاذية، فشخصيًا تضررت كثيرًا من عدد من الإشاعات التي تنشرها بعض الصفحات، لكن كمناضل تقدمي حداثي يؤمن بحرية التعبير، أرفض الانسياق وراء منطق التخوين، وأؤمن بأن الترفع والرقي والدعوة إلى فعل سياسي حقيقي، مبني على الاحترام والتواصل الصادق، هو السبيل الأمثل لتدبير الخلافات والاختلافات. الصدر الرحب والاستعداد للنقاش الهادئ يجب أن يكونا شعار كل فاعل سياسي، سواء كان في السلطة أو في المعارضة.

بدائل ممكنة لتواصل أكثر مهنية

في مثل هذه الحالات، يكون الحل الأمثل هو اعتماد خطاب هادئ وموضوعي يركز على تقديم الحقائق وتوضيح الإشكالات دون الدخول في صراعات جانبية مع المنتقدين. كما أن فتح قنوات حوار مع المجتمع المدني والإعلام المحلي يبقى السبيل الأمثل لضمان تواصل مؤسسي فعال يعزز ثقة المواطنين بدلًا من تغذية مناخ من التوجس والصدام.

إجمالا المجالس المنتخبة ليست فوق النقد، بل عليها التعامل معه بمهنية وشفافية. في النهاية، الأداء الجيد يغني عن الدفاع والتبرير، والتواصل الفعال هو الذي يقرب المؤسسات من المواطنين، لا ذاك الذي يجعلها في موقف دفاعي لا يخدم صورتها ولا يعزز ثقة المواطنين بها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى