أنيس إبن القاضي – الأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة جهة درعة تافيلالت
سيكون من غير المنصف أن نتناول سيرة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي، بكرونولوجية جافة، نتحدث فيها عن محطات حياته الحافلة بالعبر والتجربة السياسية التي راكما طيلة حياته.
لن أتحدث عن تاريخ كفاحه الكبير، وما قدمه للمغرب، فالتاريخ وحده سينصفه، بعدما تحول إلى أيقونة للعمل السياسي الشريف والنبيل في تاريخ المغرب الحديث.
اليوسفي رغم قلة كلامه، إذ لم يكن خطيبا مفوها، لكنه كان ذا ممارسة سياسية راقية، ودودا ولبقا، لم نسمع أنه سب خصمه السياسي أو نعته بالمتحكم أو التمساح أو أي كائن من الكائنات التي ابتدعها سياسيونا- سامحهم الله -، الذين خلقوا خطابا سياسيا شعبويا فرجويا بئيسا.
لم نسمع عن السي عبد الرحمان اليوسفي، أنه خون أحدا أو نزع الوطنية عن أحد أو فرق صكوك الوطنية والغفران على أحد، كل المغاربة عنده سواء الخصم السياسي قبل الصديق.
السلوك السياسي الراقي، ونظافة اليد والزهد في امتيازات المناصب الرفيعة التي تقلدها، نكاد نلمسها في الرجل حينما كان يتنازل على تعويضاته، ويهبها لصندوق التضامن العالم القروي عن طيب خاطر، ولم يفكر لا في تملك أراضي الدولة، أو سيارة الدولة أو تقاعد الدولة، ولولا إلحاح جلالة الملك محمد السادس لما قبله اليوسفي.
اليوسفي لم يتلق ضيعة ولا أرضا ولا رخصة استغلال ولا غيرها أو طلبها، كان أزهد سياسيي المغرب، كل ما تلقاه هديتان من المرحوم الحسن الحسن الثاني وجلالة الملك محمد السادس وهي عبارة عن ساعات يدوية.
السي عبد الرحمان لم يتهافت على تعويضات الإنصاف والمصالحة، كما تهافت عليها آخرون، بل كل ما كان يفعله يحتسبه فداء للوطن وواجبا وطنيا.
لقد ودعنا الأستاذ الذي لقن عمال “كوزيمار” الحروف في الخمسينات، والمحامي الذي دافع على شهداء صبرا وشاتيلا ضد أرييل شارون في لاهاي.
لقد ودعنا منظومة قيم كانت تمشي على رجليها: قيم حب الوطن و الوفاء، والتضحية والتطوع ونكران الذات، والزهد في الامتيازات، والخطاب السياسي الراقي الذي يناقش الفكرة وليس الشخص، ما أحوجنا جميعا ولاسيما الشباب على الستلهام روحه الطاهرة في ممارستنا السياسية اليومية، في تدبير خلافاتنا أغلبية ومعارضة.
السي عبد عبد الرحمان علمنا جميعا أن المعنى الأول للسياسة في عهد الملك محمد السادس: المغرب أولا وأخيرا.