رأي

“جواز التلقيح” يجدد موجة الركوب على الاحتجاجات الاجتماعية بالمغرب و خلق”البوز


خالد بلبعير


لا أحد يكتب من فراغ ولا أحد يستلهم أفكاره وهو جالس يتأمل فوق جبال الهيملايا، انا لست من عشاق البوز أو البحث عن جمع اكبر عدد من التعليقات و العلامات الزرقاء أو حتى القلوب الحمراء، كما أنني لست من هواة المجاملة أو تلميع صورة احد بعبارات المدح، في الحقيقة  لا أستطيع  كتابة عبارات هدفها الأول والأخير تصنيف احد الأشخاص ضمن لائحة المشاهير، كما أنني لا استطيع كتابة مقالات يمكن أن تعتبر ضمن قائمة خرق حالة الطوارئ الصحية،هنا يمكن أن أجيب وأقول إن الملح له طعمه الخاص حين يمتزج مع الأكل، لكننا لم نرى أحدا يمسك بطبق مليء بالملح و يتناوله بالملعقة ما لم يكن مريضا بداء “أديسون”، كما يمكن القول على أن السكر جميل حين يضاف للعصير، لكن أكل السكر بالملعقة يشعر أكِلهُ بالغثيان.

إن ما وقع في مجموعة من المدن المغربية  حين خرحت ساكنتها للمطالبة بإلغاء جواز التلقيح لان المواثيق الدولية تضمن الحق في التنقل، لكن الاسوء منه هو عدم احترام شروط السلامة الصحية، أنا لا أحمل المسؤولية لأحد و لا ألوم احد لكنني ضد الركوب على مصلحة المواطن خلال هذه الظرفية الصعبة  و المعنى واضح.

وحيث إن للنضال أحكامه ومنطقه، فإن الأيام ستثبت، ولا شك، أن من يحاولون الركوب على قضية من القضايا الاجتماعية، ويواصلون ممارسة الابتزاز الرخيص من خلال البروباغاندا المدفوعة الأجر، هم أول من باع جلد الضحية مقابل ترتيبات ايدولوجيا و سياسية يعلم الجميع دوافعها ومن يقف وراءها، وصدق المثل العربي القائل: “يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي.

ويقول علي الشعباني، باحث في علم الاجتماعي، أن بعض الشخصيات التي تسعى إلى خلق”البوز” يتم وصفهم في علم النفس بالشخصيات النرجسية التي تسعى للشهرة، ولو على حساب الآخرين وتشويه صورتها”، معتبرا “أن استعانة مشاهير الفن والسياسة، بالمواقع، عبارة عن حملات إعلانية وترويجية ، لأعمالهم الفنية أو منجزاتهم السياسية”.

لا يزال الجدل مستمرا في المغرب حول قرر الحكومة الذي دخل حيز التنفيذ يوم الخميس 21 أكتوبر 2021،  الذي اعتمد مقاربة إحترازية جديدة قوامها ”جواز التلقيح”، من شأنه  السماح للأشخاص بالتنقل عبر وسائل النقل الخاصة أو العمومية داخل التراب المغربي، وخارجه.

ويشمل استخدام هذه الوثيقة التي أصبحت معتمدة من طرف السلطات المختصة، وذلك استنادا للمقتضيات القانونية المتعلقة بتدبير حالة الطوارئ الصحية بالمملكة، كما أنها ستمكن السماح  لدخول الموظفين والمستخدمين الإدارات العمومية وشبه العمومية والخاصة، وكذلك للدخول إلى المؤسسات الفندقية والسياحية والمطاعم والمقاهي والأماكن المغلقة والمحلات التجارية وقاعات الرياضة والحمامات.

قرار الحكومة المغربية أذى إلى  انقسام الشارع المغربي بين مؤيد ومعارض لفرض جواز التلقيح، فالمعارضون يرون انه، يتناقض مع مبدأ التطعيم الذي يبقى اختياريا، وفق ما أكدت الحكومة العثماني السابقة، بينما يعتقد المؤيدون أن هذه الوثيقة ستغنيهم عناء التنقل إلى المحلقات الإدارية، والوقوف أمام مكاتبها من أجل الحصول على رخصة التنقل الاستثنائية، كما ستمنحهم قضاء أغراضهم بشكل عادي.

كما اعتبرته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بيان لها انه “خرقا سافرا لحقوق دستورية وكونية، وعلى رأسها الحق في حرمة الجسد وضرب حرية التنقل والتجول”.

و أكد الدكتور جمال معتوق مستشار قانوني في عدة تصريحات صحفية، أن الحكومة خالفت المقتضيات التشريعية التي تؤطر تدخلها وقراراتها بموجب حالة الطوارئ الصحية، عندما فرضت جواز التلقيح كشرط لولوج المرافق العمومية والإدارات والمؤسسات، وأوضح معتوق أن الحكومة بفرضها جواز التلقيح على المواطنين جعلته إجباريا، مشيرا إلى أن المشغل سيفرض إدلاء المستخدم بجواز التلقيح لولوج مقر العمل، وهنا سيكون الأخير مجبراً على أخذ اللقاح، وشدد الخبير القانوني على أن الحالة التي تصرفت فيها الحكومة باتخاذها قرار فرض جواز التلقيح لم تتطلب الاستعجالية، كما أنها لا تفيد الحيلولة دون تفاقم الوباء كما ينص على ذلك قانون حالة الطوارئ.

في مقابل ذلك قال البروفيسور عز الدين الابراهمي عضو اللجنة العلمية للتلقيح، أن قرار اعتماد جواز التلقيح يعتبر خطوة هامة، التي ستمكن من تطبيق إجراءات متعلقة بالتخفيف من أجل عودة المواطنين و الموطينات للحياة الطبيعية تدريجيا، وأكد البروفيسور، أنه من حق المواطنين أن يكون لهم الحق في الاستفادة من التلقيح، لكن الدولة من حقها حماية جميع المواطنين بفرض جواز التلقيح.

وأوضح الإبراهيمي في تصريحات صحفية، أن العودة للحياة الطبيعية والوصول إلى المناعة الجماعية لن يتحقق إلا بانخراط الكل في عملية التلقيح، لذا تم فرض استعمال جواز التلقيح لولوج الأماكن العامة.

و في الأخير يمكن القول أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية”، وهي عبارة شائعة الاستعمال، بَيْد أن المهم هو أن يكون الجميع مستعداً لقبول الرأي الآخر، يجب أن نتقبل أي نقد بصدر رحب بدون الدخول في تحد بأن يقتنع الشخص أو لا، فهنيئاً للمغرب للمغاربة الشرفاء بنعمة الأمن والاستقرار، والتي لا يعرف ولا يُقدر قيمتها الفعلية إلا من فقدها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى