استبشرت ساكنة جهة درعة تافيلالت عامة، و ساكنة إقليم الرشيدية على وجه الخصوص، خيرا، بعد تدشين وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد ايت الطالب، للمستشفى الجهوي مولاي علي الشريف بالرشيدية، و إطلاق العمل به، بتجهيزات طبية حديثة، و معدات استشفائية متطورة، تعكس فارقا شاسعا من حيث جودة الوسائل المستعملة سابقا في المستشفى الإقليمي.
و يبدو أن القائمين على المستشفى الجديد المفتوح لاستقبال مرضى الجهة و الإقليم، نسوا ربما أن يولوا اهتماما خاصا للأطر الطبية و الصحية، حتى يقع التناغم ما بين الوسائل و الموارد البشرية و يتم طرديا الرفع من جودة العرض الصحي بهذا المستشفى، و أغفلوا توفير الطاقم المتخصص لاستعمال تجهيزات بعينها، أو القادر على ضمان سير مصلحة ما و تفادي تعثرها، خصوصا اذا كان عملها حساسا في مسارات التطبيب و الاستشفاء داخل المستشفى.
وحسب المعطيات المتوفرة، بخصوص مغادرة أطباء القطاع العام لمناصبهم، فإن العدد في تزايد مضطرد، حيث بقيت عدد من المراكز الصحية بمختلف جماعات الجهة دون طبيب، و غادر أطباء متخصصون من المستشفيات الإقليمية، من قبيل تخصص التخدير و الإنعاش، في مستشفيات تنغير و ورزازات و ميدلت و المستشفى الجهوي بالرشيدية.
هذا الهروب المبرر في نظر الأطباء، يعود إلى وجود وضعية مقلقة لغياب جاذبية المجال، و عدم توفر بنية تحتية و معيشية تناسب نمط عيش هذه الفئة، وهو ما أكده وزير القطاع ضمنيا خلال عملية تدشينه للمستشفى الجهوي، عبر تحريضه الاطباء على مغادرة الجهة و عدم العمل بمستشفياتها، لأنه بالنسبة اليه، حتى الاطباء من أبناء المنطقة عليهم أن يغادروها أولا.
هذا الخيار الذي أصبح عليه، الاطباء العاملين بمختلف المؤسسات الصحية بالجهة، و تفضيلهم اما إطلاق مشاريعهم الخاصة او الاندماج في القطاع الحر، يضع المواطنين بين كفي ضعف البنية الصحية بالجهة و تراجع مؤشرات الولوجية للتطبيب الخاص.
كل هذه التغيرات البنيوية السلبية في تدبير الشأن الصحي الجهوي، أصبحت تدعو لقلق كبير، خصوصا و أن السياسات العمومية التي تتخذ مركزيا بخصوص هذا القطاع، لاتنسحب على المجال الجغرافي و الديمغرافي لساكنة درعة تافيلالت، مما يوجب الدعوة لمزيد من تشجيع الاستثمار في القطاع الحر، الذي يوفر وضعية تحفيزية جيدة للأطباء و يمكن المجال من جاذبية قوية.
هذا التشجيع طبعا، عليه أن يراعي خصوصية الجهة و كافة المعطيات المرتبطة بمستوى معيش السكان و الحاجيات التطبيبية الأكثر طلبا و مواجهة، عبر إحداث بدائل مجودة للخدمة الطبية في شقها الخاص، من شأنها رفع الضغط على الخدمة الصحية العمومية.
و جدير بالاشارة، أن تحفيز القطاع الحر لتجويد خدماته الصحية، يتقاطع في عمقه مع مخطط الدولة الاجتماعية التي تسير بلادنا في تنزيله، و ما توفره من خدمات للتغطية الصحية لمختلف فئات المجتمع، يتجه نحو تحفيز هذه الأخيرة للاقبال على الخدمات الصحية الخاصة، وهو ما يسلتزم مواكبة المنشٱت الصحية الخاصة.