بقلم الفنانة / الاعلامية فدوى بوهو
حتى لا تستدرجنا هموم اشباه السياسيين التي لا تنضب، فالفعل الثقافي ليس أدلجة – وإن وظف ما مرة لذلك – وإنما هو تراكم التجارب / الممارسات بتنوعها ومن خلال ذاك التراكم يتضح انه كلما كانت الحرية ذات مساحة أكبر كان العطاء الثقافي متنوع و متعدد ، مما يعني أن البعد الحقيقي للثقافة بعيدا عن أي تزييف هو من يمنح الوعي الانساني التنوع من دون رقابة ايا كان نوعها اجتماعية او مؤسساتية ، و بلغة الحساب والطباشير فهناك فرقا بين اولئك اللذين يريدون ان يدفعوا بنا للانغماس في الفعل السياسي بذريعة أن إصلاح الواقع الثقافي/الاجتماعي بورزازات وتطويره هو مرهون فقط بالمؤسسة السياسية ، وبين ممارسين للفعل الثقافي يدركون تماما أن الصراع من أجل الرقي بالوعي المجتمعي وقيمه بما فيها حرية الفن والثقافة يتطلب معركة مع ثقافة التطاول على الاختصاص من دون فعاليات المجتمع المدني ولعل تجارب كثيرة ما سابقة (مؤسسة ما و لجنة ما و ربيع ما ) أبانت على أن الامر لا يتأتى دون مشاركة و اشراك الممارسين و الفعاليات المدنية .
لنجعل السؤال بصيغة أخرى : كيف يمكن أن يكون للثقافة دور فعلي في التنمية و الاصلاح والنهوض بورزازات بل و بالجهة ككل ؟؟ بمعنى لنفترض ان الفعل السياسي بفاعله ( المنتخب/ المستشار)هو فيض الواقع الثقافي وأن إصلاح السياسي يستدعي العودة إلى المجتمع لتفعيل ثقافته ،يعني أن النضال من أجل الديمقراطية يستند إلى تحريك الطبقات الثقافية وتحريك الوعي المجتمعي بأهمية الحياة الحرة الكريمة بما فيها حرية الفكر و حرية الاختيار و و…و.. ، و اللائحة تطول بطول نفس العراك و محاربة الفساد و الاستبداد و كل القيم اللامحوكمة المماثلة المعشعشة في الفعل السياسي بوعي الفاعل السياسي ، من هنا يمكننا ان نستنتج و بوضوح أن المسألة الثقافيـة تتشعب الى مستويات متعددة أبعد من السياسـة وفاعلها وأعمق من الادارة و رئيسها ، الفاعل السياسي فقد فاعليته المرجعية التي تأسس عليها إن كان فعلا قد تأسس عليها ولم يتطاول ، وأصبح يستدعيها بكل حمولاتها في صراعه مع الاخرين بين وقت وأخر لغرض الحصول على مقاعد جديدة لدى الهيات في الساحة السياسية ، الفاعل السياسي عمره يتحدد بولاية فهو يحمل معه حقيبة رحيله بيده وكذا الاداري وبنهاية المدة تنتهي صلاحيته ،في حين أن الفاعل الثقافي يبقى مراقبا وشاهدا لعمليات القدوم والمغادرة تلك حاملا معه حمولاته الفكرية و الابداعية مدى حياته ،فعلا مفارقات كبيرة وواضحة لا يمكن اغفالها .
إن الفعل الثقافي تفكيرا وممارسة يبدأ من دراسة التراث بصفة عامة ومخزونه النفسي ،وببناء قراءة سليمة للمسألة الثقافية تنطلق من كونها مؤسسة بكسر السين الاولى لابفتحها، فموضوع الثقافة هوجدل يهم كل مستويات الدينامية المجتمعية و يخص ايضا مراكز البحث و الجامعات و منصات التفكير بالدرجة الاولى ، فأين المؤسسة المزعومة بفتح السين من هذه الاطارات بعيدا عن الاطر الادارية الرسمية الغير الممارسة و لا واعية بموضوع الثقافة في شموليتها ؟؟؟
إن الحديث عن الثقافة بورزازات يستدعي استيعاب الفعل الثقافي لتجانس المواطن الورزازي مع عمقه الحضاري وهويته المتماسكة و انفتاحه على مختلف الاشكال الثقافية في كل تجلياته و اشكاله و تشكلاته المتعددة و الكثيرة ضمن اطار شمولي لتكون هذه الثقافة سندا للإصلاح لا سدا ، إصلاح ثقافي يطال المجتمع ومفاهيمه وسلوكه وإدارة حياته اليومية و العامة ، كما ان المسألة الثقافية بورزازات تستدعي إصلاح للفعل السياسي بفاعله حيث يضع حب السلطة جانبا ويدفع بتعزيز ثقافة المواطنة والمسؤولية المدنية والأخلاقية ،والأمر لن يتأتى إلا بإصلاح تعليمي وتربوي يستثمـر في المستقبل ، فهل يا ترى كل هذا هو في حسبان مؤسسي المؤسسة بفتح السين الاولى ؟؟ هل هناك استحضار لمفاهيم وفوارق بين الثقافة السياسية و السياسة الثقافية لديهم أم فقط هو شغف مفاهيمي ضيق لمدلول القصبة في ارتباطها مع التمويلات و المنح والتقاط الصور بخلفية ذات معالم ثقافية ؟؟؟