رأي

كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته


هشام الإمامي 

مؤخرا لفت شريط فيديو على شكل روبورتاج ، لسائحتين فرنسيتين أنظار رواد شبكة التواصل الاجتماعي و لقي استحسانا كبيرا لدى كل من شاهده.. 

السيد محمد المكي أو السيد “موحى” ، و من خلال  ابتسامته العريضة و قناعته الفريدة و اعتبارا للقيم الدينية و الإنسانية،  أعطى انطباعا خالصا و صادقا على نبل و طيبوبة و عفوية أهل الجنوب الشرقي للمغرب ، فرغم قساوة العيش و قلة الإمكانيات و بكلمات قليلة استطاع أن  يقدم دليلا آخر  على جود و كرم و حسن ضيافة و الأخلاق الحميدة لأمازيغ  أهل هذه المنطقة من المغرب العميق..

كما  قدم إعلانا مجانيا للترويج السياحي بحيث أنه كسب قلوب الآلاف إن لم يكن الملايين من الذين شاهدوا الفيديو و روعة جبال دادس و تودغى الشامخة في صور بانورامية أبدعت المصورة الشابة في التقاطها بكل احترافية و اتقان..

باختصار لقد قدم صورة مشرفة جدا عن الجنوب الشرقي و منطقة تنغير على وجه الخصوص و عن جمالية المغرب بشكل عام..

فالمغرب كما جاء في عنوان هذا الشريط ليس هو مراكش و الدار البيضاء و الرباط و طنجة..

لذلك يجب على القائمين على الشأن السياحي في هذه الجهة أو على وزارة السياحة مباشرة ، و كذلك على وزارة الفلاحة التي يدخل عمل هذا الراعي في اختصاصها، أن تقوما باستقبال هذا البطل “الأمين” و توشيحه ليعيش كريما مدى الحياة كما يعيش خريجي البرلمان..

كما يجب على وزارة الثقافة كذلك أن تدخل على الخط، بما أن هذا الشاب لديه موهبة لا تقل أهمية عن ما سبق ، و هي موهبة النقش على الحجر و التي يدخل هذا الفن في مجال اختصاصها..

 الفيديو عبارة عن مشاعر صادقة متبادلة من كلا الطرفين ،  و الجميل فيه هو المشاركة مع الغير رغم قلة الكمية و بساطتها و انعدامها أحيانا كثيرة..

و اللقطة المؤلمة في الفيديو هي عندما أشار “موحى” إلى مكان نوم أبيه و المكان الذي يقوم فيه بطهي و طبخ أكله.. لقد شعرتا السائحتين و كذلك المشاهد بصدمة غير متوقعة.. أو بالأحرى أننا  شعرنا بالإحراج أمام الضيوف..

أليس هذا عارا على وزارة الفلاحة التي تدخل هذه الفئة الهشة ضمن اختصاصاتها ، و التي كان يتحمل حقيبتها و لسنين طويلة رئيس الحكومة الحالي ! 

أليس “العزيب” من الأهمية بمكان بالنسبة للكساب الذي  يرعى الأغنام التي تفتخرون بوفرتها بمناسبة كل عيد أضحى..

كم سيكلفكم لو قمتم بإحصاء هؤلاء الكسابة “الرحل”  في أعالي الجبال و قمتم ببناء بيوت لهم و حضائر و “زريبة” لكل راعي، و لو  بتلك الألواح البلاستيكية القابلة للجمع و للفك، أو فقط تزويدهم بخيام بلاستيكية تقيهم شر قساوة البرد و لدغات الحشرات و الزواحف السامة! 

ما هو دور المكاتب الجهوية للإستثمار الفلاحي إن لم تعطي قيمة لهذا الراعي و أمثاله و توفر له كل مستلزمات التي سيحتاجها في حله و ترحاله!

يبدو أن بعض المسؤولين في بلادنا  لم يستوعبوا بعد حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم؛ لذلك تجد أغلبهم يعتقدون بأنهم باتقانهم للشفوي فإنهم بذلك قد يعطون انطباعا لدى المواطن بأن كل ما يقولونه ينطبق على أرض الواقع، لكن العكس من ذلك تماما..

يجب على كل من يتحمل مسؤولية ما، أن يكون ملما و مطلعا بجميع ما يحيط بها و يقوم بالمهمة المنوطة به على أكمل وجه.

لا ننكر المجهودات التي تقوم بها الجهات المختصة في كل الأصعدة، لكن هناك خصاص مهول في كل المجالات و التي لا تحتاج إلا أن تعطى لها أهمية أكبر لكي تنتج أكثر..


شكرا للسائحتين “شارلي و أوليفا” اللتين نشرتا هذا الفيديو الذي جعلنا نفتخر بأخلاق و كرم و عفة أبنائنا المغاربة الأمازيغ في الجنوب الشرقي، و الذين لا ينتظرون مقابلا حيال ذلك.. و شكرا على الصور الجميلة جمال جبال تودغى و دادس.. 

و شكرا لكن كذلك لأنكن كشفتم لنا جانبا خفيا مما يعانيه الراعي في قمم الجبال الوعرة العصية علينا تنميتها..

أيوزنك أ موحى..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى