رأي

هوليــــــــود إفريــــــــــــقيا!


هشام الإمامي

بما أن ورزازات، هذه المدينة الجميلة و الهادئة القابعة بسفوح جبال الأطلس الكبير و المتخامة للصحراء، قد ساهمت منذ قرن و نيف، بإنتاجاتها السينمائية الضخمة لفائدة السينما العالمية، منها من حاز على جائزة “الأوسكار” مثل “لورونس العرب” لمخرجه “ديفيد لين” و “گلادياتور”، لمخرجه “ريدلي سكوت” و أفلام عالمية أخرى شهيرة بإيرادات بلغت ملايين الدولارات حول العالم..

و مع هذه الأزمة التي اجتاحت أغلب القطاعات الأساسية التي تتكئ عليها أعمدة هذه المدينة، فبات من الضروري البحث عن خطة معتمدة من طرف المنتخبون و غيرهم من المسؤولين ؛ لإيجاد حلول وسطية على أرض الواقع..

و رغم أننا لا نملك معلومات كافية عن هذا القطاع، فلا بأس أن نشير إلى بعض النقط التي قد يكون بالإمكان البناء عليها.. 

فهذا المجال الحيوي الذي تقدر مداخيله الإنتاجية بما يناهز خمسين بالمائة من مداخيل الإنتاج الأجنبي على الصعيد الوطني، و الذي يقدر عدد العاملين فيه بما لا يقل عن عشرة آلاف عامل، يمتهنون العمل السينمائي بشكل مباشر أو غير مباشر، من تقنيين و حرفيين و القائمين بالأدوار الثانوية و الكومبارس.. فهذه الفئة متضررة بشكل كبير من خلال الحيف الذي تتعرض له من حيث تحديد الأجرة و من حيث الحق في المشاركة في أي عمل سينمائي وافد.. 

 فعلى من يدير شأن هذا القطاع بهذه المدينة أن يطالبوا المركز السنمائي المغربي أو وزارة الثقافة أو وزارة الإتصال أو الجهة التي تدخل هذه الفئة الهشة اجتماعيا تحت وصايتها، ان تعطي أهمية لكومبارس الورزازي، الذي يعتبر كالمادة الخام للصناعة السينمائية الأجنبية و كذلك الوطنية، و الذي أفنى مشواره الفني في إغناء مشاهد سينمائية عالمية ساهمت بمداخيل مهمة جدا لخزينة المملكة،

فتجد أغلبهم حاليا يئنون داخل بيوتهم أو “عاصرين” على فنجان قهوة سوداء باردة ينتظرون فرصة عمل قد لا تأتي و قد لا تأتي..

بلا تغطية صحية و لا ضمان إجتماعي و بدون إعانة من أي جهة سواء من المركز السينمائي و لا من الوزارة الوصية.. 

 لذلك يجب تقنين العمل السينمائي في ورزازات ليكون واضحا لا غبار عليه، من حيث إعطاء الأولوية للمحترفين و ذوي الكفاءة و الخبرة المتراكمة في هذا المجال، فهم جنود الخفاء لكل الأعمال الناجحة على المستوى العالمي..

و ربما إنشاء أستوديو تابع للوزارة أو للمجلس البلدي يقوم بتشغيل اليد العاملة من تقنيين و حرفيين و حتى من الكومبارس على طول السنة بأجرة تجمع بعضا من شتاتهم و تكفيهم شر انقطاعهم المتكرر عن العمل..

 مع الإشارة إلى أنه يجب النهوض بالسينما الورزازية من حيث دعم الشباب المتخرج من المعهد السينمائي بجميع التخصصات، لبلورة أفكارهم و إعطائهم حرية للتعبير عنها بكل استقلالية..

و أيضا على القائمين على الشأن المحلي ان يقوموا بإعادة افتتاح القاعتين السنمائيتين سينما الصحراء و سينما الأطلس، أو قاعة أخرى جديدة، و أن يقوم المجلس البلدي أو من له الإختصاص في ذلك للقيام بإدارة شؤونها،  فلا يعقل، أو من المحرج، أن تسمع “هوليود إفريقيا” دون قاعة سينمائية واحدة!

و لجلب مزيدا من الأعمال السينمائية، يمكن تسويق بلاطوهات الإصطناعية و الطبيعية للمدينة بوصلات إعلانية في مواقع التواصل الإجتماعية و المواقع الإلكترونية العالمية، و ارفاقها بالتسهيلات الإدارية و الضريبية و الدعم على قيمة الإنتاج، الذي يبلغ عشرين بالمائة الذي تدعم به الدولة كل عمل سينمائي أجنبي من قيمة إنتاجه، هذا إن كنا أصلا نساير ركب التقدم و نواكب التطور.. 

و بما أن جميع الإمكانيات و الآليات متوفرة، فلما لا يقدم مشروع.. مادام الفراغ السنمائي قائما بسبب هذه الجائحة، ما عدا سلسلة مغربية يتم تصويرها حاليا، و التي بالمناسبة لم يتجاوز ثمن عمل الكومبارس فيها مائة درهم و بدون مؤونة، 

لما لا يقدم مشروع إنتاج عمل سينمائي ضخم، يكون ورزازيا مائة بأخرى! بدعم من كل الشركاء، من المركز السينمائي المغربي و من المعهد المتخصص في مهن السينما  بورزازات و من المجالس المحلية و من كل مَن له غيرة على هذا الميدان لامتصاص جزئي للبطالة المتفشية بسبب هذه الأزمة الخانقة..

نتمنى إعطاء الفرصة للشباب المحلي لكي يبدع و يبرهن على أنه قادر بكيفية احترافية على كتابة سيناريوهات و تصوير أفلام قصيرة و طويلة و وثائقية و روبورتاجات تسلط الضوء على الزخم الثقافي المتنوع و التراث المادي و اللا مادي الذي تزخر به  هذه المنطقة..

و يمكن اقتباس سيناريوهات من روايات عالمية أو من خلال ما عاشه الأسلاف من معارك، كمعركة بوكافر مع أعسو اوبسلام أو الحياة السياسية للباشا الگلاوي أو أفلام عن شخصيات وطنية أو عالمية..

قد نبالغ إن قلنا أن لدينا يقين بأن خريجي المعهد المتخصص في مهن السينما بورزازات إن تم مزجها مع الخبرة المتراكمة لدى أبناء ورزازات الذين كانت لهم احتكاكات مباشرة مع مخرجين و ممثلين عالمين باستطاعتهم إنتاج شريط سينمائي من المستوى الجيد أو المقبول.. 

نريد مدينة سينمائية قائمة بذاتها و منتجة محليا و ليس فقط أن تكون أداة لذلك.. 

و لنا في المخرج الورزازي الشاب “توفيق بابا” الحائز مؤخرا على جائزة أفضل مخرج سينمائي عن فيلمه “أوليفر بلاك” بلوس أنجلس، أحسن مثــــــال..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى