درعة.أنفو – و م ع
تقوم جمعية “أصدقاء المدارس” بمبادرات اجتماعية تستهدف الأطفال المنحدرين من العالم القروي والمناطق النائية، لاسيما في جنوب شرق المغرب، من خلال توزيع الأدوات التعليمية وتأهيل الأقسام الدراسية وإحداث مكتبات بالمدارس وتجهيزها بوسائط الاتصال المتعددة.
وعلى الرغم من أن جمعية “أصدقاء المدارس” تأسست في مدينة الدار البيضاء، فإن عملها التضامني برز بشكل لافت في المناطق النائية التي تفتقد للبنيات التحتية، خاصة في جبال الأطلس الكبير والمناطق الصحراوية الشاسعة في الجنوب وجنوب شرق المملكة، على بعد مئات الكيلومترات عن المدن الحضرية مثل طاطا وزاكورة وورزازات.
وتقول رئيسة الجمعية ومؤسستها، السيدة أمل زنيبر، “لقد بدأ كل شيء خلال شتاء سنة 2005، حينما ذهبت ووزوجي مع مجموعة من التلاميذ والأساتذة في رحلة إلى وادي آيت بوكماز الواقع في جبال الأطلس الكبير، وهي منطقة فقيرة يصعب الوصول إليها بسهولة”
وأضافت السيدة زنيبر أن المناطق الجبلية، التي تفتقد للبنيات التحتية، تساهم في ارتفاع مستوى الفقر، مبرزة أن لهذه التحديات تأثير مباشر على ولوج الأطفال إلى التعليم، وبالتالي تبدأ حياة العديد منهم بحد أدنى من التعليم، مما يجعلهم في وضع غير مناسب في عالم سريع التغير”.
وأكدت أن أنشطة جمعية “أصدقاء المدارس” تهتم بخلق فرص تعليمية للأطفال في المناطق القروية الأكثر هشاشة، حيث تشير الإحصاءات إلى ارتفاع معدل الانقطاع عن الدراسة في العالم القروي، خاصة في صفوف الفتيات.
وقالت “نعمل حاليا في خمس مناطق، أربعة منها في بيئة صحراوية، وواحدة في منطقة جبلية، ولكل منها تحديات واحتياجات محددة”.
واعتبرت أن المناطق القروية الشاسعة لا تتوفر على نشاط صناعي ويعيش سكانها، بشكل أساسي، على مزاولة الأعمال التجارية البسيطة والفلاحة المعاشية والسياحة، مضيفة أنها تعرف مناخا جافا وقاسيا سواء في الصيف أو الشتاء.
وتبنت الجمعية، منذ تأسيسها في سنة 2006، مبادرات تضامنية بالتعاون مع الفاعلين المحليين، وبعضها بدعم من الشركاء الأجانب مثلما حدث في سنة 2007 مع إحدى المؤسسات الكندية.
ويؤكد السيد امحمد الهلالي، مدير مشروع الجمعية في مدينة طاطا، أن الجمعية قامت، بعد نجاح المبادرات الأولى، بتوسيع نطاق عملها ومشاريعها التضامنية ليشمل خمس مناطق في الجنوب وجنوب شرق المملكة.
وقال “تنجز أعمالنا ومشاريعنا بناء على طلب المستفيدين (مدارس أو سكان الدواوير)، ونعتمد المقاربة التشاركية التي تضمن النجاح والالتزام”، مضيفا أن هذه الإجراءات تشمل إعادة تأهيل الأقسام الدراسية في المناطق القروية، وتزويد المدارس بالماء الصالح للشرب، وبناء المرافق الصحية بها، ومحاربة الهدر المدرسي وحماية البيئة.
وشدد السيد الهلالي على أن هذه المقاربة لا تستهدف المدارس فقط، بل تمتد أيضا إلى محيطها، من أجل ضمان استمرار التلاميذ في الدراسة ومحاربة العوامل الدافعة إلى الانقطاع عن الدراسة، مشيرا إلى أن حفر بئر والتزويد بمياه الشرب يحرر الأطفال من الأعمال الروتينية لجلب المياه بعيدا عن منازلهم.
وقامت الجمعية ومنخرطوها مؤخرا بتنفيذ مشروع في الجماعة الترابية تيمزولين (إقليم زاكورة)، حيث حفروا بعض الآبار وجهزوها لفائدة سكان أحد الدواوير الذين يحتاجون إلى المياه الصالحة للشرب، مما يجعل التلاميذ يلتحقون بالمدارس ولا يقومون بجلب المياه على حساب تعليمهم وتمدرسهم.
وكشف أن الجمعية بادرت، وفي نفس الجماعة الترابية، إلى تنفيذ مشروع “مكتبة واحدة، أسرة واحدة” من أجل تشجيع التلاميذ على القراءة، بالإضافة إلى توزيع الأدوات واللوازم المدرسية في تارودانت.
وأشار إلى أن “المناطق التي نعمل فيها تتميز بمناخ جاف، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى أقل من الصفر في الشتاء، وتسجل درجات مرتفعة في الصيف”.
وأوضح السيد الهلالي أن الجمعية تقدم، في إطار توفير الراحة للتلاميذ والأساتذة للمساعدة على التمدرس الفعال، المساعدة في التزويد بالتدفئة بالمدارس الداخلية والأقسام الدراسية خلال فصل الشتاء، وتركيب تجهيزات للتبريد في فصل الصيف، حيث تم تجهيز أكثر من 600 قسم دراسي في المناطق المختلفة التي تنشط بها الجمعية.
وتهتم الجمعية أيضا بمجال البيئة عبر تهيئة المساحات الخضراء في المدارس، وغرس الأشجار المثمرة مع إدخال تقنيات الري بالتنقيط لصالح سكان بعض الدواوير.
وذكر أن جمعية “أصدقاء المدارس” لم تذخر أي جهد في المساهمة ضمن جهود محاربة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، إذ تم تنظيم حملات تحسيسية مع توزيع، على الخصوص، أكثر من 120 ألف من الكمامات، ومواد للتعقيم.
ولا يتوقف مسؤولو ومنخرطو الجمعية عن التفكير في الأعمال التضامنية التي من شأنها مساعدة تلاميذ العالم القروي على الدراسة، والرفع من عدد المشاريع الناجحة، رغبة منهم في أن يشكلوا مثالا يحتذى به لانتشار المبادرات الجيدة في المناطق النائية والأكثر هشاشة.