درعة.أنفو
اكتشاف علمي مهم بجامعة القاضي عياض أعلنت عنه مجلة « جيولوجي» بالمملكة المتحدة التي نشرت دراسة علمية أجرتها الطالبة ابتسام اشرايكي في إطار أطروحة دكتوراه بجامعة القاضي عياض بمراكش، كلية العلوم السملالية، بالتعاون مع باحثين من جامعة القاضي عياض بالمغرب، باحثين من جامعة بواتييه بفرنسا، وباحثين من جامعة كارديف بالمملكة المتحدة، أظهرت كائنات مجهرية عمرها حوالي 570 مليون سنة لأول مرة في المغرب.
وأكدت الدراسة ميكروبات تأقلمت وازدهرت ببحيرة مائية بركانية ذات خصائص فيزيائية وكيميائية كان يعتقد في يوم ما استحالة الحياة فيها.
واكتشفت هذه الحفريات في منطقة أمان تازغارت التي تقع جنوب شرق المغرب في إقليم ورزازات، وتقدم نتائج الدراسة أدلة أحفورية لكائنات حية دقيقة قد تكيفت بشكل مدهش مع مجموعة واسعة من الظروف القاسية التي يرجع تاريخها إلى حوالي 571 مليون سنة، حيث حفظت بشكل استثنائي داخل صخور رسوبية تسمى ستروماتوليت. وتعتبر من بين أفضل المنشآت البيولوجية المحفوظة في فترة دهر الطلائع للقارة الإفريقية بأكملها وفي هذا النوع من السياق الجيولوجي. وتطورت هذه المستعمرات البيولوجية في بحيرة مائية داخل كالديرا بركانية، حيث كانت درجات الحرارة مرتفعة نسبيا وكانت المياه مالحة وقلوية على حد سواء، وقد اعتبرت هذه الظروف غير المؤاتية مستحيلة منذ زمن طويل لتطور أي شكل من أشكال الحياة.
وتمت هذه الدراسة في إطار مشروع تحت عنوان «دراسة متكاملة لتطور المحيط الحيوي في ما يتعلق بتقلبات مستوى الأوكسجين المسجلة من حقبة البروتيروزويك إلى حقبة الكامبري» الذي تدعمه أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتكنولوجيا بالرباط، وذلك بعد الاكتشاف الذي تم في الغابون ما بين عامي 2010 و 2019 من قِبَل فريق دولي بقيادة البروفيسور الالباني عبد الرزاق ذي الأصول المغربية (مراكش)، أستاذ باحث بجامعة بواتييه بالديار الفرنسية، وذلك لاكتشافه لأقدم الكائنات المتعددة الخلايا على الأرض بعمر يتجاوز 2 مليار سنة، وهو الاكتشاف الذي فتح مواقع بحثية على مستوى عال جدا في جميع أنحاء العالم.
وكشفت الدراسة أن ظهور الحياة على الأرض منذ حوالي 3,5 مليار سنة، على شكل جرثومات (بكتيريا)، صمدت هذه الكائنات المجهرية أمام جميع الأزمات البيولوجية والبيئية التي عرفها كوكب الأرض إلى يومنا هذا، قبل فترة طويلة من الانفجار الكامبري، حوالي 570 مليون سنة، حيث كانت الميكروبات تحتل بالفعل كل الأنظمة البيئية تقريبا، البحرية منها والقارية، وهو ما يجعل فهم أسلوب حياتها وظروف مجالها الحيوي يشكل قضية بالغة الأهمية للبحث عن وجود آثار للحياة في سياقات مماثلة في الفضاء (الكواكب، الأقمار والمذنبات…).
وتشير الدراسة إلى أن الكائنات الحية التي تعيش في بيئات بدائية، مختلفة جدا عن تلك التي تعيش حاليا على كوكب الأرض، تسمى أليف الظروف القاسية أو محب الظروف القاسية أو إكستريموفيل، وشكلت موضوع بحث مكثف مند حوالي ثلاثين عاما.
وجذبت هذه الكائنات الحية الأليفة للظروف القاسية اهتمام ناسا في الآونة الأخيرة، حيث يمكن أن تعتبر هذه الكائنات بمثابة دليل مشجع للبحث عن أشكال حياة بسيطة من المحتمل أن تكون موجودة في كواكب أخرى، وتبدو غير مستدامة وفقا للنظريات الكلاسيكية.
وتتطلب خصوصية ونوعية هذا الموقع وقيمته على المستوى العلمي، التربوي، الجغرافي والسياحي، العمل من أجل الحفاظ عليه وحمايته، وذلك من خلال تسجيله ضمن التراث العالمي لليونسكو.