الرشيديةجمعيات

تحقيق السلام الداخلي وأهمية آلية السماح بالرحيل ” موضوع لقاء توجيهي بجمعية القلوب البيضاء بالرشيدية”

  


لوبنى طوبي _ الرشيدية


بمناسبة اقتراب نهاية الموسم الخدماتي 2020/2021، نظمت جمعية القلوب البيضاء لتمدرس وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة لقاء توجيهيا حول ” تحقيق السلام الداخلي وأهمية آلية السماح بالرحيل” من تأطير الدكتور والأستاذ الباحث حمزة شينبو وذلك بتاريخ: 10/07/2021 بمقر المركز السوسيو تربوي للأطفال في وضعية إعاقة الذي تشرف الجمعية على تسييره.

     استهل الدكتور والأستاذ الباحث حمزة شينبو هذا اللقاء التوجيهي بطرح إشكالية التفكير في الغير ومحاولة فهمه وأكد على أنه لا وجود لتجربة بدون معنى، فالإنسان بالرغم من كل ما يتعرض له من تجارب تبقى طبيعته ثابتة وهنا تحدث الأستاذ عن أهمية آلية السماح بالرحيل الواردة في كتاب “السماح بالرحيل” للكاتب ديفيد ر. هاوكينز.

     وبذلك قام الأستاذ حمزة شينبو بقراءة تمهيدية لمقدمة هذا الكتاب لخص فيها أهم الأفكار والقواعد الأساسية لتحقيق التوازن والسلام الداخلي، حيث أن الإنسان غالبا ما يربط تحقيق النجاح بالجهد وهذا الجهد المبذول ينعكس على حياة الانسان على شكل عنف اتجاه الذات.

     إن الرحيل هو عنوان الوجود حيث لا يمكن لشيء أن يبقى ثابتا فكلنا ماضون لذلك يجب أن نتسامح في الرحيل ونقبل به، لأن تعلقنا بالأشياء هو تعلق مرضي نظرا لغياب توازنات في التعلق بين التفريط والافراط.

    فمثلا التصرف بحكمة في المواقف هو نتيجة لليقين بعدم دوام الأشياء وللوصول لهذا هناك قانون يسمى قانون الوعي الذي يؤدي إلى تحقيق السلام الداخلي العميق لأن الخطأ طبيعة إنسانية وعليه يجب أن نفكر في السماح أكثر من المحاسبة وأول خطوة هي التخلص من المشاعر السلبية والتخلي عن الانانية، الغيرة، والحسد ومحاولة تطهير الذات من هذه المشاعر يعتبر أمرا ضروريا. فلا وجود لشخص مثالي ولكن لتحقيق حالة مرتفعة من الوعي علينا أن نرى دائما أنفسنا – أفضل من… وأسوء من…. –  ذلك أنه في حالة التوازن نستطيع أن نرى الجمال.


 والقبح في نفس الشخص وفي نفس الوقت. ذلك أنه من السهل أن نحطم علاقتنا بالأشخاص (قطيعة، عداوة، كراهية….) لكن في المقابل من الصعب الحفاظ على علاقة إنسانية يملؤها الحب اللامشروط والاحترام. ولتحقيق هذا تطرق الأستاذ إلى مجموعة من القواعد الأساسية تمثلت في:

عدم التحدث عن شخص بسوء نهائيا حتى لو أساء إلينا

كلما عاملت الآخر بشكل أنسب وبصدق ستدخل في دائرته

مهما تلقينا من تجارب سلبية من طرف الآخرين فيجب عدم إضاعة الجهد عليها بل يجب إفراغ دماغنا من كل هذه التجارب لأنها لا تسبب لنا سوى التعب.

    وبالعودة إلى كتاب ” السماح بالرحيل” فلقد تحدث فيه الكاتب عن أهمية التسليم الذي هو السماح بالرحيل للمشاعر السلبية والتحرر منها والاعتراف أن المشكل يكمن فينا وليس في الظروف أو الأشخاص، فتقنية السماح بالرحيل تحررنا من التعلقات العاطفية كيفما كانت طبيعتها لأنها هي المسبب الأول للمعاناة ولأن المشاعر تسير العقل والأفكار وكل شعور هو نتيجة للآلاف من الأفكار.

    وعليه فمن الخطأ أن نقضي حياتنا في قمع مشاعرنا وكبتها لأن هذه الطاقة المقموعة تبحث عن طريق للخروج عن طريق الآلام، المعاناة أو الأمراض النفسية وبالتالي فإن التخلص من هذه المشاعر السلبية له فائدة صحية تمكننا من التصالح مع الذات ذلك أنه كلما تم التخلي عن هذه المشاعر يرتاح الجسد وتزداد بذلك المشاعر الإيجابية كما يتم التخلص من سلوك التخريب الذاتي (الشعور بالذنب).

        وفي هذا الإطار يجب أن نتعلم المواجهة وعدم التهرب من المشاعر السلبية لأنها لا تختفي بل تبقى كامنة وتكون نتائجها وخيمة في المستقبل، ذلك أن رحلة التغيير حسب الكاتب لا تبدأ من الماضي أو المستقبل بل من تبدأ من الحاضر من المكان المتواجدين فيه حاليا، إذن يجب أن نتعلم أن نكون متسامحين مع أنفسنا ومع الغير لأننا نحتاج وبكل بساطة لأن نتقبل هذا الجزء من تجربتنا الإنسانية وأن نتعلم أن حل المشكلات يكمن في داخلنا وكلما سمحنا لرحيل القيود تبدأ حقيقة ذاتنا الداخلية بالإشراق.

      إن مشكلات الحياة اليومية ترتب عنها نوع من المغنطة والبرمجة مما جعل نظرتنا للمشاكل وردود فعلنا نحوها عملية أتوماتيكية لذلك فإن الطريق نحو السلام يستلزم نزع السلاح الداخلي أولا ثم الخارجي ثانيا، فيجب أن نبدأ من أنفسنا ونكون نحن ذلك التغيير الذي نريد أن نراه في العالم وهذا وارد في قوله تعالى” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” (سورة الرعد الآية 11).

وأخيرا أكد الأستاذ حمزة شينبو على أن الصدق في كل شيء هو سر من أسرار النجاح حيث أنه يمكننا من ملامسة روح الآخرين ومن تذويب المشاعر السلبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى