
يعيش سكان منطقة إمغران هذه الأيام على وقع جدل واسع حول فاتورة النقل المدرسي التي تشهد ارتفاعا غير مسبوق خلال العامين الأخيرين، لتتحول من خدمة اجتماعية مساعدة إلى عبء ثقيل على كاهل الأسر محدودة الدخل.
فقد وصل ثمن الاشتراك السنوي في النقل المدرسي إلى 1200 درهم للتلميذ الواحد، وهو مبلغ يبدو في ظاهره عاديا لكنه في الواقع يضع أولياء الأمور أمام معادلة شبه مستحيلة: كيف يمكن لأب بسيط، لا وظيفة قارة له ولا دخل ثابت، أن يدبر هذا المبلغ مضاعفا إذا كان لديه ثلاثة أو أربعة أطفال في سن التمدرس؟
وليس النقل وحده ما يرهق هذه الأسر، فإلى جانبه تأتي مصاريف أخرى ضرورية: اللوازم المدرسية، المحفظة، الأحذية والملابس… لتقفز التكلفة الإجمالية إلى ما يقارب 2000 درهم للتلميذ الواحد. إنها أرقام صادمة بالنسبة لساكنة قروية تعيش في ظروف صعبة، وتكابد أصلا مع غلاء المعيشة اليومي.
العام الماضي، لم يجد السكان بُدا من تنظيم مسيرة سلمية مشيا على الأقدام من إمغران إلى مقر رئيس الدائرة، مسافة تناهز الأربعين كيلومترا، احتجاجا على هذا الوضع. كان مشهدا مؤثرا، يجسد تضامن الأهالي مع أبنائهم المهددين بالانقطاع عن الدراسة بسبب ضيق ذات اليد.
إن استمرار هذا المشكل يهدد بشكل مباشر الحق في التعليم، ويضرب في الصميم مجهودات الدولة في محاربة الهدر المدرسي بالمناطق النائية. فهل يُعقل أن يكون ثمن النقل المدرسي حاجزا أمام متابعة الأطفال لدراستهم؟
المطلوب اليوم هو تدخل عاجل للسلطات المحلية والإقليمية، والشركاء الاجتماعيين والجمعويين، لإيجاد صيغة عادلة ومعقولة تُمكّن جميع التلاميذ من الاستفادة من النقل دون إثقال كاهل أسرهم. فالتعليم ليس امتيازا بل حقا دستوريا، والنقل المدرسي جزء لا يتجزأ من ضمان هذا الحق.
إننا أمام قضية مجتمعية بامتياز، لا تخص ساكنة إمغران وحدها بل كل القرى الهامشية التي تصرخ بصوت خافت في وجه غلاء المعيشة. فهل من آذان صاغية؟