مجتمعورزازات

تلف قصبة تاوريرت: إرث تاريخي يتهاوى وسط الإهمال وتداعيات برنامج ترميم فاشل

تعتبر قصبة تاوريرت بورزازات من أبرز المعالم التاريخية التي تجسد عبقرية الهندسة المعمارية الطينية في المغرب، وقد كانت مركزًا حضريًا هامًا ومقر إقامة عائلة الكلاوي. إلا أن هذا المعلم التاريخي بات يعيش اليوم حالة من التدهور المستمر بسبب عوامل متعددة، منها الإهمال، وتأثيرات التغيرات المناخية، ونتائج برامج ترميم سابقة وُصفت بالفشل الذريع.

محاولة إنقاذ فاشلة: برنامج الترميم بين الآمال والخيبات

شهد حي تاوريرت، حيث تقع القصبة، إطلاق برنامج ترميم في سنوات سابقة بتمويل من جهات وطنية ودولية بهدف إعادة الاعتبار للقصبة وإنعاش السياحة الثقافية في المنطقة. غير أن هذه المحاولة لم تحقق أهدافها لعدة أسباب:

  • رداءة المواد المستخدمة: بدل الاعتماد على المواد التقليدية المناسبة مثل الطين والتبن المستخدمَين في العمارة الأصلية، استُخدمت مواد حديثة أثبتت عدم ملاءمتها للمباني الطينية، مما زاد من هشاشة البنية.
  • غياب إشراف مختص: افتقر البرنامج إلى إشراف متخصصين في الترميم التراثي، حيث أُسندت المهمة إلى شركات تفتقر إلى الخبرة الكافية، مما أدى إلى ظهور تشققات جديدة في بعض الأجزاء المرممة.
  • إهمال الجوانب الثقافية والاجتماعية: لم يُدمج سكان الحي في عملية الترميم أو توعيتهم بكيفية الحفاظ على القصبة، مما أسهم في تفاقم التدهور بعد انتهاء البرنامج.

الأمطار والمناخ: عدو إضافي يهدد القصبة

إلى جانب الفشل في برامج الترميم، زادت التغيرات المناخية من معاناة قصبة تاوريرت. إذ إن المنطقة باتت تعرف أمطارًا غزيرة بشكل غير منتظم، ما يؤدي إلى تآكل الجدران الطينية، خاصة مع غياب الصيانة الدورية. كما أن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف في فترات الصيف يجعل الطين المستخدم في البناء أكثر عرضة للتشقق والانهيار.

الإهمال المؤسسي: حلقة مفرغة

على الرغم من تصنيف القصبة كمعلم تراثي وطني، فإن الجهود المؤسسية للحفاظ عليها بقيت متواضعة. لا تزال الميزانيات المخصصة للترميم والتنمية السياحية في المنطقة ضعيفة، بينما يتم التركيز أكثر على مواقع سياحية حديثة دون إعطاء الأولوية للتراث الثقافي.

دعوات للتحرك العاجل

في ظل هذه الظروف، يتصاعد الغضب بين سكان ورزازات والفاعلين في المجتمع المدني الذين يطالبون بتحرك حازم لإنقاذ هذا المعلم التاريخي. ومن بين التوصيات المطروحة:

  1. إطلاق برنامج ترميم شامل ومستدام يعتمد على المواد الأصلية وخبرة مختصين في ترميم العمارة الطينية.
  2. إشراك الساكنة المحلية في جهود الصيانة وتوعيتهم بأهمية الحفاظ على القصبة كجزء من هويتهم الثقافية.
  3. تطوير رؤية سياحية مستدامة تدمج القصبة كوجهة رئيسية، مما يسهم في توليد الموارد المالية اللازمة للعناية بها.
  4. تفعيل الرقابة على برامج الترميم وضمان جودة التنفيذ عبر إشراف مؤسسات متخصصة في الحفاظ على التراث.

قصبة تاوريرت: إرث يستغيث

تظل قصبة تاوريرت أكثر من مجرد بناء تاريخي؛ فهي مرآة تعكس تاريخ ورزازات وثقافة سكانها. ومع فشل برامج الترميم وغياب استراتيجيات حماية واضحة، تواجه القصبة خطر الانهيار الكامل، مما قد يمثل خسارة فادحة للتراث المغربي وللأجيال القادمة.

يبقى السؤال مطروحًا: هل ستتحمل الجهات المسؤولة مسؤوليتها وتتحرك لإنقاذ قصبة تاوريرت قبل أن تُطوى صفحتها إلى الأبد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى