الزوبير بوحوت
يبدو أن حلم وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي ومعها آمال مهنيي السياحة المغاربة سيتم اجهاضها بسبب ضعف الميزانية الفرعية لوزارة السياحة المقترحة في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2023.
فخارطة الطريق التي جرى إعلان انطلاق إعدادها من طرف وزارة السياحة نهاية غشت 2022 بتعاون مع مهنيي قطاع السياحة و الجهات والأطراف المعنية تهدف إلى جذب 26 مليون في افق 2030 أي ضِعف عدد السياح الوافدين على المغرب خلال سنة 2019 وهو ما يتطلب ضخ اعتمادات مهمة لإعادة إقلاع القطاع السياحي الدي يمكن من الرفع من مداخيل العملة الصعبة بصفة سريعة إضافة إلى فرص الشغل المهمة التي يوفرها.
فقد سبق لوزيرة السياحة أن أعلنت ان “التقييم والتشخيص الأولي الذي تم إنجازه أفضى إلى إبراز ثلاثة مجالات تشكل محاور ذات أولوية ستتأسس عليها خارطة الطريق حيت يتمثل المحور الأول بـتقوية عرض النقل الجوي وتعزيز طاقته الاستيعابية، وكذلك خطوط جوية عديدة من وجهة إلى أخرى، على اعتبار ات النقل الجوي يعد عاملا أساسيا لتحقيق التحول في قطاع السياحة، مما سيمكن من رفع عدد الوافدين؛ وبالتالي تحسين معدلات الملء في مؤسسات الإيواء السياحي.”
اما المحور الثاني فيتعلق بـ”ملاءمة العرض السياحي المغربي مع الطلب المحلي والدولي مع ضرورة التكيف مع التطلعات التي برزت في فترة ما بعد فيروس كورونا، حيث بدأ التركيز بشكل أكبر على السياحة الإيكولوجية والسياحة القروية والجبلية”. بينما يتعلق المحور الثالث والأخير ب “الاستثمار الذي سيحضى بأهمية كبرى بهدف تحفيزه بشكل أكبر من أجل تطوير مشاريع مهمة لتحقيق نقلة داخل القطاع، خصوصا فيما يتعلق بمسألة التنشيط.”
وادا كان هدف استقطاب 26 مليون سائح في أفق 2030، مشروعا وممكنا جدا بالنظر للمؤهلات التي يتوفر عليها المغرب وكدا قربه من أكبر خزان مصدر للسياح وبالنظر كذلك للعلاقة المتميزة التي تربطه مع كبريات الدول المصدرة للسياح بالإضافة إلى الطفرة النوعية التي حققتها المملكة المغربية في تقوية البنى التحتية ووسائل النقل فضلا عن إعداد المغرب لميثاق جديد للاستثمار من شأنه أن يشكل حافزا لجلب استثمارات أجنبية ضخمة بالإضافة إلى تعبئة الادخار والاستثمار .
إلا أن بلوغ هدا الهدف يتطلب رصد الميزانيات المناسبة لتعزيز النقل الجوي وتطوير العرض ليشمل جميع متطلبات الزبائن سواء كانوا مغاربة أو أجانب والاستتمار في الرقمنة، والاهتمام بالسياحة الداخلية التي لعبت دورا كبيرا في تحقيق نسبة استرجاع ليالي المبيت (70 في المائة في نهاية شتنبر 2022 مقارنة مع نفس الفترة من 2019 )، حيث تم استرجاع حوالي 100 في المائة من ليالي المبيت بالنسبة للسياحة الداخلية.
لكن يبدو أن مشروع الميزانية الفرعية لوزارة السياحة برسم السنة المالية 2023 ، تجاهل آمال المهنيين في ضمان إقلاع حقيقي للقطاع وسيجعل من خارطة الطريق مجرد حبر على ورق مصيرها الفشل كسابقاتها. فالميزانية المقترحة لقطاع السياحة في مشروع قانون المالية لسنة 2023 (692 مليون درهم) تبقى ضعيفة جدا ولا تتماشا مع طموحات مهنيي قطاع السياحة ولن تلعب اي دور بكل تأكيد في تنمية القطاع.
دلك ان الميزانية الإجمالية للوزارة ، في حالة اعتمادها، (مليار و70 مليون درهم)، ستسجل تراجع ب 36 في المائة مقارنة مع ميزانية سنة 2019 التي كانت في حدود مليار و700 مليون درهم، وبالتالي فإن أن هدف استقطاب 26 مليون سائح في أفق 2030 تم إجهاضه بسبب الميزانيات المرصودة .وبالمقابل يبدو أن مصالح وزارة السياحة لم يحسنوا توضيف حجم المبلغ المخصص لهم من طرف وزارة المالية ودلك بالنضر لطريقة توزيع الميزانية على المصالح الأساسية للقطاع .
فالغلاف المالي المخصص للشركة المغربية للهندسة السياحية الذي يتحدد دورها في تحفيز الاستثمار السياحي سيعرف انخفاضا بنسبة 18 في المائة، مقارنة بالسنة الماضية وهذا عامل سلبي، لأن العرض المتوفر في الإيواء السياحي يتطلب مجهودا إضافيا كما سبق الإشارة إليه ، وهذا يتطلب ضخ مزيد من الاعتمادات المالية لتحفيز وإنعاش الاستثمار. كما أن خفض الاعتمادات المخصصة للاستثمار يتعارض مع التعليمات الملكية السامية الواردة في خطاب جلالته أمام البرلمان حيت حضى موضوع الاستثمار بعناية خاصة من طرف جلالته بالاضافة الى موضوع الماء. ناهيك على أن موضوع الاستثمار يشكل إحدى أولويات العمل الحكومي الدي يعمل جادا لإخراج الميثاق الجديد للاستثمار إلى حيز الوجود نضرا لأهميته في تحريك العجلة الاقتصادية.
كما أن الميزانية المخصصة لدعم النقل الجوي والترويج لن تعرف اي زيادة رغم أن المحور الأول لخارطة الطريق يرتكز على تعزيز النقل الجوي وهو ما يعتبر تناقضا صارخا بين الأهداف والنوايا المعبر عنها و الإجراءات العملية التي يتم اتخادها.
لكن بالمقابل ستعرف الميزانية المخصصة للإدارة المركزية زيادة بنسبة 53 في المائة، وهذا يعني أن هناك خللا صارخا لابد من تداركه، بالنضر لأن توجيهات رئيس الحكومة و دوريات مجموعة من الوزارات لمصالحها تشدد على ضرورة ترشيد النفقات في حين تجاهلت ميزانية الوزارة مجهودات تعزيز النقل الجوي والاستثمار و اعطت الامتياز لنفقات المصالح المركزية دون تبيان سبب هاته الزيادة المرتفعة في هاته الميزانية بالضبط.
إن رفع نسبة استقطاب السياح إلى 12.7 في المائة في الفترة الممتدة بين 2022 و 2025 ، مقابل 5,5 في المائة كمعدل نمو سنوي خلال 20 سنة الماضية يتطلب رفع ميزانية الترويج التي يقوم بها المكتب المغربي للسياحية مرتين على الأقل، لتصل إلى حوالي 692 مليون درهم، لأن المكتب هو الذي يبرم الاتفاقيات مع شركات الطيران.
كما أن حاجة المغرب إلى تطوير بنيات الاستقبال وملاءمة العرض مع متطلبات الزباءن والاستثمار في التنشيط يتطلب ضخ استثمارات إضافية وهو ما يستوجب مجهودات كبيرة لاستقطاب و تحفيز الاستثمار. لكن هدا الهدف قد سقط سهوا من اولويات الوزارة و مصير رؤية 2030 الفشل مسبقا.