بقلم: إبراهيم حميجو – باحث في الشأن المحلي
إن تطور نظام اللامركزية الإدارية بالمغرب، أتاح الفرصة أمام تدبير الشأن العام المحلي ليحتل الصدارة أمام سياسة الدولة، وأتاح الفرصة أيضا لآليات التدبير والتسيير بالتطور مع هده القفزات النوعية التي عرفتها ولازالت تعرفها بلادنا في إطار البحث عن النموذج التنموي الملائم، وفي إطار احتلال القضايا المحلية وإشكاليات التنمية المحلية الاهتمام الأوسع لدى الرأي العام ولدى الدولة على حد سواء.
وادا كانت القوانين المنظمة للامركزية قد عرفت تطورا نوعيا عبر العقود القليلة الماضية بدءا من ظهير 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي مرورا بالميثاق الجماعي وظهير تنظيم العمالات والأقاليم لسنة 2002، وصولا إلى القوانين التنظيمية الحالية، وعلى رأسها المتعلق بالجهات التي تحتل الصدارة بالنسبة لباقي أصناف الجماعات الترابية الأخرى، فان آليات التدبير حاولت أيضا داخل مختلف هده النصوص مواكبة التطور المستمر، فنجد المقتضيات التي تتعلق بالإدارة، والتنفيذ والتواصل والتسويق وان كانت بشكل محتشم مقارنة بتلك المتعلقة بالهيئات المسيرة أي مجالس هاته الوحدات الترابية.
ومن بين هده الآليات، والتي اعتبرها الأهم لارتباطها بمحيط الجماعة الترابية، ومحيط التدبير المحلي، التواصل، فإسناد التسيير المجلس لهيئات منتخبة محليا، يعتبر ديموقراطية محلية وأيضا تواصل مباشر مع الساكنة المحلية، والمقاربة التشاركية في صياغة البرامج التنموية أيضا تواصل مباشر مع المحيط بمختلف فاعليه، وإحداث آليات الحوار والتشاور من قبيل هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع آلية أخرى للتواصل، وعمومية جلسات الهيئات المنتخبة تواصل مباشر مع الفاعلين، واللقاءات التواصلية فرصة اعم للاخد والعطاء وبسط الجهود المبذولة والفرص المتاحة والمخاطر الممكنة.
من هنا، وفقا لهاته الآليات، وإيمانا وإرادة تامة للتواصل لإشراك الفاعلين والمحيط في الرؤى التنموية، وتنويرا للرأي العام المحلي، وانسجاما مع النصوص القانونية، وبحثا عن النموذج التنموي الفعال، دأب المجلس الإقليمي لورزازات على مد جسر متين للتواصل والإعلام مع الساكنة، مع الفاعلين، ومع المتدخلين في التنمية، ومع الهيئات المنتخبة الأخرى، انطلاقا من الجماعة إلى الجهة. فمند انتخابه لتدبير الشأن الإقليمي، تواصل المجلس الاقليمي لورزازات بامتياز عبر:
1- التواصل في انجاز برنامج التنمية.
أثناء إعداده لبرنامج التنمية للفترة الممتدة من 2017 إلى 2022، أشرك المجلس الإقليمي لورزازات المحيط والفاعلين والمتدخلين في مختلف مراحل الإعداد، بدءا باختيار الفريق المشرف على الإعداد من الكفاءات المحلية المجربة، ثم بتنظيم لقاءات تشاورية بلغت ثمانية لقاءات مباشرة مع ممثلي الجماعات الترابية المشكلة للإقليم، القطاعات الحكومية الممثلة بالإقليم، وفعاليات المجتمع المدني بكل أطيافه، ثم عبر اللقاءات المباشرة مع المنتخبين. فكانت النتيجة تشخيصا واقعيا للإقليم، بمؤهلاته وفرص نموه الحقيقية، واكراهاته ومخاطره القائمة، فاتضحت الرؤية التنموية القابلة للانجاز والتحقق، ساهم فيها الجميع، تم توصيفها وتوصيلها للجميع وعرضها بشكل موسع.
2- التواصل عبر هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع.
كآلية للحوار والتواصل، احدث المجلس هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، مثل فيها كافة الأنواع الاجتماعية، مثل فيها أيضا كافة الجماعات الترابية، ومثل فيها كافة الفعاليات التنموية وفعاليات المجتمع المدني، نشطت الهيئة مند الوهلة الأولى، بتشكيل هياكلها، وتنظيم مهامها، وإعداد نظامها الداخلي وبرنامج عملها وأنشطتها. والتواصل عبر هده الهيئة يتيح نقل توصيات واقتراحات واستشارات للمجلس الإقليمي عبر أعضاء الهيئة وعبر مداولاتها، فهي صلة وصل بين المجلس الإقليمي والمحيط، ومن شان اللقاءات والأيام الدراسية التي ستعكف عليها الهيئة خلق دينامية أوسع وتواصل اعم.
3- التواصل عبر الأيام الدراسية.
اتخاذ القرار في مسائل معينة خاصة ذات الأولوية والتي تدخل في الاختصاص المباشر للمجلس الإقليمي، يحتاج إلى تدقيق وإشراك وجمع المعطيات وتوصيات، من هدا المبدأ، عمل المجلس الإقليمي لورزازات على فتح باب النقاش العمومي المحلي الهادف من اجل إيجاد الحلول الناجعة بصيغة مشتركة، فكان اليوم الدراسي حول التنشيط بالإقليم فرصة لبسط إشكاليات هدا المجال، والخروج بتوصيات قابلة للتحقق، وكان اليوم الدراسي الجهوي حول النقل المدرسي باعتباره إحدى الأولويات واحد أهم الاختصاصات الذاتية للمجلس الإقليمي، لبحث الطرق الأنجع لتدبير هدا القطاع الذي يشكل ركيزة أساسية في المنظومة التعليمة بالإقليم، وكان المجلس أن واكب السياسات الوطنية والتظاهرات الدولية ذات البعد البيئي بان ساهم وشارك وبقوة في الجامعة القروية بتازناخت في موضوع التغيرات المناخية بالمناطق الجبلية، وكان السياق الوطني والدولي هو تنظيم المغرب لمؤتمر الأطراف حول المناخ قمة رقم 22.
هده الأيام الدراسية هي انفتاح وتواصل مباشر مع المحيط، ونقل المعلومة المتوفرة واستيفاء المعلومات الناقصة بخصوص القضايا المثارة.
4- التواصل الالكتروني الحديث.
التواصل الالكتروني الأكثر انتشارا في حاضرنا، ومن الطبيعي أن لا يتم تجاهله من طرف المدبر العصري، فرئيس المجلس الإقليمي لورزازات والمجلس ككل، دأب على إيصال أنشطته وتقاسم تحركاته ومشاركاته عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك حيث انشأ صفحة رسمية له. ثم انشأ أيضا موقعا الكترونيا متقدما، يتضمن كل المعطيات حول الإقليم. يستهدف المحيط لإيصال المعلومة، ويستهدف المستثمر في إطار الجدب والتسويق الترابي للإقليم.
5- التواصل عبر اللقاءات التواصلية والندوات الصحفية.
والتواصل عبر اللقاءات التواصلية آلية فعالة، وسنة حميدة أبدعها المجلس الإقليمي لورزازات، حيث دأب في بداية كل سنة تدبيرية على تقديم حصيلة السنة المنتهية، فكانت البداية بسنة 2016،حيث عقد رئيس المجلس الإقليمي لورزازات لقاءا تواصليا وندوة صحفية بسط فيها حصيلة السنة والآفاق المستقبلية، ثم خلال هده السنة كان اللقاء التواصلي الثاني والدي توج سنة من التدبير ميزها أساسا اعتماد برنامج للتنمية باعتباره خطة للتنمية في إطار الرؤية الإستراتيجية الطويلة المدى التي أعدها المجلس الإقليمي، وتميز اللقاء التواصلي الثاني بحضور نوعي وكمي لكافة المتدخلين في التنمية المحلية والشأن المحلي. وكان مناسبة برهن فيها المجلس الإقليمي مرة أخرى عن ثباته على نهجه التنموي، وإرادته القوية لإشراك المحيط في التنمية، عبر الاستماع إلى مختلف الطروحات والتوصيات، بعد أن عرض بوضوح شديد انجازاته وإمكانياته وديناميته.
هكذا ادن، يكون المجلس الإقليمي لورزازات قد ضرب موعدا مع التدبير المحلي بصيغة التواصل الدائم بمختلف أشكاله، إيمانا منه أن الإشراك والمشاركة، أن الاستماع والاستيقاء، أن الجدب والتسويق، أكثر فعالية وأكثر انسجاما مع طرق التدبير العصري، عوض الانتظارية والانغلاق.