مجتمعورزازات

قبل الانتخابات… المجلس الإقليمي لورزازات يفتح معركة السيطرة على المشهد الإعلامي!

النقطة الثالثة في جدول أعمال المجلس الإقليمي لورزازات ليست مجرد صياغة تقنية عادية، بل إعلان مبكر عن توجه اتصالي وسياسي يسبق الانتخابات القادمة. الاتفاقية التي تربط المجلس بجمعية واحدة لتولي “تغطية أنشطة ومشاريع المجلس” توحي بأن المرحلة لم تعد مرحلة تواصل مؤسساتي، بل مرحلة صناعة صورة انتخابية هادئة، تبدأ الآن وفي هذا التوقيت بالضبط.

من حيث المبدأ، التواصل حق للمجلس، والإعلام شريك ضروري في شرح المشاريع للمواطنين. لكن الإشكال يبدأ عند لحظة الانتقاء. لماذا جمعية واحدة فقط؟ لماذا إقصاء باقي المنابر والصحفيين؟ ولماذا تُحصر التغطية في جهة بعينها دون الإعلان عن معايير الاختيار؟ الجواب ليس تقنياً ولا مهنياً بقدر ما هو سياسي. فحين يقترب موعد الانتخابات، تصبح السيطرة على المشهد الإعلامي إحدى أدوات إعادة إنتاج الوجوه نفسها، عبر خلق قناة اتصال مضمونة، تُنشر عبرها الأنشطة الرسمية كما يجب أن تُرى، لا كما هي في الواقع.

هذه الاتفاقية لا تُقرأ خارج سياق الزمن السياسي. نحن على أبواب سنة انتخابية، والمجلس بحاجة إلى تلميع حضوره، وتقديم أنشطته للناس بطريقة محسوبة، وانتقاء الصور والخطابات التي تقوّي موقع الأطراف المرشحة لإعادة التموقع. وهنا يصبح المال العام وسيلة لصناعة خطاب سياسي مستقبلي، بدل أن يكون موجهاً لتقييم حقيقي لمشاريع المجلس أو لتحقيق التواصل الشفاف والمتوازن.

الإعلام المحلي، بكل تنوعه واختلاف خطوطه التحريرية، يجد نفسه أمام محاولة لتغيير قواعد اللعبة. فالاتفاقية تحمل في مضمونها رسالة غير معلنة مفادها أن المجلس يريد إعلاماً قريباً منه، لا إعلاماً يطرح الأسئلة. يريد تغطية جاهزة، لا مساءلة حقيقية. وهذا وحده كافٍ لتفسير لماذا يتم اللجوء إلى جمعية واحدة بدل فتح الباب أمام الجميع. فمنطق الانتخابات يتطلب التحكم، والتحكم يتطلب صوتاً واحداً لا أصواتاً متعددة.

لهذا يمكن القول إن النقطة الثالثة ليست مجرد بند في دورة استثنائية، بل خطوة محسوبة نحو حملة انتخابية صامتة، تبدأ من المنابر التي ستتولى نقل أنشطة المجلس، وتحضير صورة ذهنية إيجابية تُستثمر لاحقاً في القرى والمراكز الحضرية. إنها محاولة مبكرة لترتيب العلاقة مع الرأي العام قبل الدخول في حرارة المنافسة، وضمان أن الظهور الإعلامي للمسؤولين سيكون منظماً، محسوباً، ومتوافقاً مع مصالحهم في المرحلة المقبلة.

ورزازات تستحق تواصلاً مؤسساتياً يشرح للناس ما يجري، لا تواصلاً موجهاً لتهيئة الأرضية السياسية. وتستحق إعلاماً مستقلاً لا يجد نفسه مضطراً للاختيار بين البقاء خارج اللعبة أو الخضوع لمنطق التعاقدات. ما يجري اليوم ليس مجرد اتفاقية، بل إعلان بأن مرحلة الانتخابات بدأت، وأن المعركة الأولى فيها ليست على المشاريع… بل على من سيحكي قصة هذه المشاريع وكيف سيحكيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى