
النيابة العامة بتنغير تدخل على خط الهدر المدرسي وتضع الأسر تحت المجهر
شهدت قاعة الاجتماعات بالمحكمة الابتدائية بتنغير لقاءً ترأّسه السيد ابراهيم عنترة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، خُصص لمناقشة موضوع الهدر المدرسي باعتباره إحدى الإشكاليات الاجتماعية الأكثر إلحاحًا بالإقليم.
اللقاء جاء في إطار التزامات المغرب بتنزيل مقتضيات إعلان مراكش لمحاربة العنف ضد النساء والفتيات، والتصدي المبكر للأسباب المؤدية إلى الانقطاع عن الدراسة، خاصة في صفوف الفتيات القرويات.
أرقام
فقد تم خلال سنة 2025 تسجيل 178 حالة هدر مدرسي بإقليم تنغير، غير أن التدخلات التي باشرتها النيابة العامة بتنسيق مع المديرية الإقليمية للتربية الوطنية ومصالح الضابطة القضائية والمساعدين الاجتماعيين، أسفرت عن إرجاع عدد مهم من التلاميذ إلى فصولهم الدراسية. وتشير المعطيات إلى أن 46 حالة منقطعة بسبب الفقر و87 حالة نتيجة الإخفاق الدراسي والانقطاع الإرادي، بالإضافة إلى حالات أخرى متفرقة، تم التعامل معها وفق مقاربتين متوازيتين: الودية التحسيسية ثم الزجرية القانونية عند الحاجة.
هذه التدخلات مكنت من إعادة إدماج عشرات التلاميذ في مؤسساتهم التعليمية، وهو ما يعكس نجاعة العمل المشترك بين النيابة العامة والسلطات التربوية والأمنية والمجتمع المدني. كما تبرز الأرقام أن عدداً من الأسر تجاوبت بشكل إيجابي مع الدعوات الموجهة إليها، ما ساعد على إرجاع أبنائها إلى مقاعد الدراسة.
النيابة العامة طرف فاعل
وكيل الملك أكد في كلمته أن محاربة الهدر المدرسي ليست مسؤولية قطاع التربية الوطنية وحده، بل هي معركة مجتمعية تتقاطع فيها أدوار عدة مؤسسات. ومن هذا المنطلق، تضطلع النيابة العامة بمسؤولية قانونية وأخلاقية في تتبع ملفات الأطفال المنقطعين، عبر إلزامية تسجيلهم بالحالة المدنية، وتنسيق الجهود مع الضابطة القضائية والمصالح الاجتماعية قصد إرجاعهم إلى مقاعد الدراسة.
مقاربة ودية وزجرية
الخطة التي كشفت عنها النيابة العامة تقوم على مسارين متكاملين:
مقاربة ودية: تحسيس الأسر بخطورة الانقطاع، والتأكيد على أن المكان الطبيعي للطفل هو المدرسة.
مقاربة زجرية: تفعيل المقتضيات القانونية في حالة رفض أولياء الأمور التعاون، بما يضمن احترام حق الطفل في التعليم باعتباره حقًا دستورياً والتزاماً دولياً للمغرب.
نحو خطة عمل مشتركة
اللقاء خلص إلى بلورة خطة عمل محلية لموسم 2025/2026، تقوم على التنسيق اليومي مع المديرية الإقليمية للتربية الوطنية، وتبادل اللوائح الخاصة بالتلاميذ المنقطعين، مع إشراك الدرك الملكي والأمن الوطني في الاستماع للأطفال وأوليائهم، في أفق إرجاع أكبر عدد ممكن منهم إلى فصول الدراسة.
مبادرة النيابة العامة بابتدائية تنغير تعكس تحولاً في مقاربة محاربة الهدر المدرسي، حيث لم تعد المدرسة وحدها معنية، بل أضحت العدالة شريكًا رئيسياً في حماية حق الطفل في التعليم. ومع ذلك، تبقى المعركة طويلة الأمد، وتحتاج إلى انخراط جماعي يضمن أن “مقعد الدراسة” يظل حقاً مضموناً لكل طفل، لا امتيازاً قد يُفقد بسبب الفقر أو الإقصاء.