عند سماعنا عن مخلفات الذبائح، أو ما يسمى بالمخلفات البيولوجية، والآثار السلبية التي يمكن أن تلحقها بالبيئة، يتبادر إلى ذهن الكثيرين أنها مجرد مواد عضوية ومخلفات حيوانات لا يمكن أن تشكل يوما ما تحديا كبيرا يواجه الصحة العامة والبيئة؛ غير أن خطورتها لا تقل عن خطورة باقي النفايات، في ظل غياب طرق ناجعة للتخلص منها، أو على الأقل استغلالها واعتماد طرق كلاسيكية لا تخضع لشروط السلامة الصحية.
ولتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع اتجه فريق الروبورتاج الصحفي، في زيارة إلى المجزرة المحلية بتازناخت التابعة للجماعة يومه الاثنين 03 أبريل على الساعة السادسة صباحا، لتتبع مختلف أطوار الذبائح، ابتداء من الذبح إلى السلخ حتى التخلص من مخلفاتها، وحسب المعطيات المقدمة من طرف الجماعة فإن المجزرة تزود الساكنة باللحوم اللازمة من خلال توزيعها على الجزارين بالمنطقة بعد فحصها والتأشير عليها من طرف الطبيب البيطري التابع للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية(ONSSA)، حيث يتم ذبح حوالي 163 رأس ماشية يوميا من الأبقار والماعز و الأغنام؛ أي ما يعادل 978 رأس أسبوعيا، في الفترة المتراوحة بين شهر مارس و شتنبر، وتنخفض إلى حوالي 60 رأسا في الأشهر الأخرى المتبقية؛ مما يعني إنتاج كمية مهمة من المخلفات بمختلف أشكالها الصلبة والسائلة.
فكيف يتم التخلص منها؟
في غياب أنابيب الصرف الصحي وغياب المحارق الصحية وكما جاء على لسان أحد الجزارين بالمنطقة السيد عبد الله أخزام، فيتم التخلص من مخلفات الذبائح الصلبة كمحتويات “الكرش” والأمعاء وإعدامات السلخ برميها في الهواء الطلق ونقلها بعد ذلك إلى المطرح المؤقت التابع للبلدية عبر شاحنات النظافة، أما المخلفات المعدومة أو النافقة أو الأجراء المصابة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي فيتم وضعها داخل حفر خاصة وحرقها في حين يتم رمي المخلفات السائلة كالدم في المجاري المائية.
فما هي الحلول المقترحة للحد من تفاقم خطر المخلفات والحفاظ على التوازن البيئي والصحي بالمنطقة؟
يظهر جليا أن التخلص من مخلفات الذبائح سواء الصلبة منها أو السائلة بشكل عشوائي بمختلف الطرق، حرقا كانت أورميها في الهواء الطلق أو حتى في المجرى المائي، تعتبر من الطرق غير المستدامة والتي تساهم بشكل كبير في تلوث الهواء والماء والتربة وانتشار الأمراض والأوبئة؛ مما يؤثر سلبا على صحة الإنسان والكائنات الحية وبالتالي الإخلال بالتوازن الطبيعي بكوكبنا.
وسعيا منا للبحث عن حلول فعالة للحد من تفاقم هده الآفة انتقل فريق العمل إلى جماعة تازناخت للتواصل مع الجهات المختصة، وفي هذا الصدد تم التواصل مع مدير المصالح السيد الحسن بن يوس، الذي أكد على إطلاق مشروع تطهير السائل في شطره الأول، في انتظار استكمال باقي الأشطر إضافة إلى إنشاء محطة معالجة وضخ المياه العادمة الناتجة عن هذه المخلفات أو باقي النفايات السائلة بجميع أنواعها، إلى جانب طرح مشروع قيد الدراسة، يتمثل في إنشاء مجزرة بيجماعاتية تجمع بين خمس جماعات تخضع لشروط السلامة الصحية وتضم مطارح خاصة لمعالجة مخلفات الذبائح والتخلص منها بشكل صحي و آمن.
مخلفات الذبائح استثمار اقتصادي مهدور
تعتبر مخلفات الذبائح مردودا اقتصاديا كبيرا ومهما، يساهم في حل مشكلة التنمية داخل المجتمعات والرفع من قيمتها الاقتصادية، من خلال معالجتها بطرق متطورة تضمن التخلص الآمن منها واستغلالها في عدة مجالات، كإنتاج السماد العضوي عن طريق التخمر الهوائي أو إنتاج الغاز عن طريق التخمير والهضم اللاهوائي من جهة، أو إعادة تدويرها وتحويلها إلى منتجات صناعية جديدة كاستعمال الدم والريش و الأمعاء في إنتاج المستحضرات الطبية والتجميلية، أو استعمال العظام في إنتاج «الجيلاتين” الذي يدخل في صناعة الحلويات و المثلجات إلى جانب مسحوق اللحم في إنتاج أعلاف الدواجن وغداء الحيوانات الأليفة وكذلك تطوير صناعة الجلود كصناعة الحقائب والأحذية، واستعمال الصوف والشعر في إنتاج فرش الأسنان والحلاقة…
وختاما فرغم ارتفاع تكلفة بناء مصانع مجهزة للتخلص من مخلفات الذبائح بمختلف أشكالها أو معالجتها وإعادة تدويرها، تبقى من أفضل الطرق الآمنة صحيا والمفيدة اقتصاديا واجتماعيا لأجل مجتمعات مستدامة صحية وآمنة.
فريق التحقيق الصحفي:
وداد الشرحبيلي
نهيلة أيت تدرارت
عبد الكريم عزي
جواد الصغير
خالد أيت أحدو
سفيان فردوش
من تأطير الأستاذة:
محجوبة علالي